الكوتشينغ لتطوير الأبناء وتعزيز مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية
كوتشينغ التربية المهارات الاجتماعية تحسين التواصل التفاعل الاجتماعي
تقول "لاكيشا هوفمان"، الحاصلة على ماجستير في العمل الاجتماعي: "عندما لا يعرف الأطفال الرياضيات، نحن نعلمهم كيف يحلون المسائل، ولا نلومهم على عدم معرفتهم"، وتضيف: "لكن عندما لا يعرف الأطفال كيف ينظِّمون أنفسهم، نلومهم بسبب سلوكهم السيئ".
يُعتقد أنَّ المهارات الاجتماعية والعاطفية تنمو نموَّاً طبيعياً مع تطور الطفل، دون الحاجة إلى تعليم موجه، ولكن في الواقع، عندما يفتقر الأطفال لهذه المهارات، فإنَّهم يواجهون صعوبات تؤثر في سلوكهم وتفاعلهم مع الآخرين، وأيضاً في قدرتهم على التعلم في المدرسة؛ إذ لا تعد هذه المهارات، مثل إدارة العواطف، والتعاطف، وحل المشكلات أموراً فطرية؛ بل تحتاج إلى تعليم مستمر وتدريب.
يعدُّ الكوتشينغ لتطوير الأبناء مفتاحاً لبناء مستقبل قوي لأطفالنا، فهو لا يحسِّن الأداء الأكاديمي أو يُحضِّر للمستقبل المهني؛ بل يتجاوز ذلك ويعلِّم الأطفال كيفية التعامل مع مشاعرهم، وفهم مشاعر الآخرين، وبناء علاقات اجتماعية سليمة. بالتالي، يتعلم الأطفال مهارات أساسية تساعدهم على مواجهة تحديات الحياة اليومية بصورة أكثر وعياً وفعالية ويمنحهم القدرة على حل المشكلات والتكيف مع المواقف المختلفة بثقة ومرونة.
الكوتشينغ: دور رئيس في تطوير المهارات الاجتماعية للأبناء
ظهَرَت في ظل التحديات التي فرضتها جائحة COVID-19 دراسة بعنوان "كيف طوَّرَت تجارب الآباء في سوق العمل المهارات الاجتماعية والعاطفية للأطفال خلال الجائحة؟"، والتي نُشرت في معهد الدراسات المالية (IFS) بالتعاون مع معهد التعليم في جامعة UCL في أغسطس 2023. أكدت الدراسة أنَّ 47% من الآباء أفادوا بتدهور مهارات أطفالهم الاجتماعية والعاطفية خلال السنة الأولى من الجائحة، وشهِدَ فقط 16% من الأطفال تحسناً في هذه المهارات. تبيَّن أيضاً أنَّ الأطفال في الفئة العمرية من 4 إلى 7 سنوات، كانوا أكثر تأثراً بتدهور هذه المهارات مقارنة بالأطفال الأكبر سناً، وهذا يشير إلى أهمية توفير الدعم والتوجيه اللازم للأطفال، فيؤدي الكوتشينغ دوراً رئيساً في تعزيز مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية.
يعزز كوتشينغ التربية التفاعل الاجتماعي من خلال تهيئة بيئة تربوية صحية للأطفال تشجع على الوعي الذاتي وفهم المشاعر والتعبير عن أنفسهم بطريقة صحية، فيتعاملون مع الآخرين بلطف واحترام، ويعززون قدرتهم على الاستماع النشط والتواصل الفعَّال. بالتالي، تُمهَّد الطريق أمام الطفل لبناء علاقات إيجابية مع الأصدقاء والعائلة والمعلمين.
يقدم الكوتشينغ لتطوير الأبناء أيضاً مجموعة من النشاطات التفاعلية، مثل ألعاب الفرق، وتمرينات حل المشكلات، المحادثات وتبادل الأدوار، والتمثيل الدرامي، والنشاطات الرياضية وغيرها التي تعزز التعاون والعمل الجماعي وتدعم بناء الثقة بالنفس عند الأبناء، وفيما يأتي بعض الاستراتيجيات الفعَّالة التي يمكن أن تحفِّز الأبناء على التعاون والعمل مع الآخرين:
1. التعلم التعاوني
يشجع الأطفال على العمل معاً لتحقيق هدف مشترك، مثل الألعاب أو المشروعات المشتركة.
2. التوزيع العادل للأدوار
تدريب الأطفال على تقاسم المهام والعمل معاً، فيحصل كل طفل على دور هام في النشاط الجماعي.
3. التوجيه الإيجابي
تشجيع الأطفال على التصرفات الاجتماعية الإيجابية من خلال الثناء والتشجيع.
4. نشاطات بناء الفريق
تنظيم نشاطات جماعية تحفز الأطفال على العمل سوياَ، مثل مسابقات أو ألعاب تحتاج إلى التعاون الجماعي لإتمامها بنجاح.
5. توزيع المسؤوليات
تشجيع الأطفال على تحمل المسؤوليات المشتركة، مثل تنظيم النشاطات أو اتخاذ القرارات الجماعية.
6. التدريب على اتخاذ القرارات الجماعية
تعزيز التفاعل الاجتماعي للأبناء من خلال تعليمهم كيفية اتخاذ قرارات جماعية بناءً على التفاوض والتعاون.
7. نمذجة التعاون
يُنمذِج الكوتش سلوكات التعاون الفعَّالة أمام الأطفال من خلال تفاعلاته مع الآخرين.
8. مكافأة السلوك التعاوني
تقديم مكافآت جماعية عندما يعمل الأطفال معاً جيداً.
تحسين الذكاء العاطفي للأطفال من خلال التوجيه الفعَّال
تعد تنمية الذكاء العاطفي عند الأبناء عملية أساسية لفهم وإدارة مشاعرهم وتعاملهم مع مشاعر الآخرين. وفق الأبحاث الوطنية الأمريكية لتأثير التوجيه في الأطفال لعام 2021-2022، يتكيَّف 83% من الأطفال بسرعة مع التحديات اليومية، عندما يتلقون دعماً عاطفياً وإرشاداً، مما يشير إلى أهمية الدور الذي يؤديه التوجيه العاطفي في تعزيز هذه القدرات، وذلك من خلال:
1. التعرف على مشاعرهم
تبدأ تنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال بمساعدتهم على التعرف على مشاعرهم. عندما يصبح الأطفال قادرين على تحديد شعورهم، (مثل الفرح، والغضب، والحزن، والخوف)، فإنَّهم يكتسبون وعياً ذاتياً يعزز استقرارهم العاطفي. يمكن استخدام الأسئلة المفتوحة، مثل: كيف تشعر الآن؟ أو استخدام بطاقات المشاعر التي تعكس حالات عاطفية مختلفة تمكِّن الطفل من تسمية مشاعره والتعبير عنها بوضوح.
2. تعليمهم مراقبة أفكارهم
يراقب الأطفال من خلال دمج التوجيه في النشاطات اليومية أفكارهم، والتي تؤثر مباشرة في مشاعرهم وسلوكهم. قد تصيغ هذه العملية الأفكار السلبية وتحوِّلها إلى أفكار أكثر إيجابية، فيتعلم الأطفال كيف يتحدثون مع أنفسهم بطريقة بنَّاءة عند مواجهة تحديات أو ضغوطات. تبني هذه التقنية الثقة بالنفس عند الأبناء وتنمِّي المرونة النفسية.
3. إيجاد الترابط بين المشاعر والأفعال
يساعد الكوتشينغ لتطوير الأبناء على فهم تأثير مشاعر الأطفال في سلوكهم وأفعالهم، فيلاحظ الأطفال كيف يرتبط الغضب بالسلوك العدواني، ويتَّخذون خطوات لإدارة هذه المشاعر إدارة صحية وقرارات واعية بدلاً من التصرف بتسرع أو اندفاع في المواقف العاطفية.
4. تعزيز مهارات التحكم بالعواطف
يطوِّر الكوتشينغ الأبناء وينمي مهارات التحكم بالعواطف لديهم، فيصبحون أكثر وعياً بمشاعرهم ويستخدمون استراتيجيات لتهدئة أنفسهم في المواقف الصعبة. ومن بين هذه الاستراتيجيات، تعلم تقنيات التنفس العميق وتقنيات الاسترخاء العضلي، مثل شد العضلات، ثمَّ استرخائها لتخفيف التوتر الجسدي المرتبط بالمشاعر السلبية.
5. توفير بيئة آمنة للتعبير عن المشاعر
يُهيِّئ التوجيه الفعال بيئة تربوية صحية للأطفال للتعبير عن مشاعرهم دون خوف من الرفض أو العقاب، فعندما يشعر الأطفال بالأمان العاطفي، يصبحون أكثر قدرة على التعامل مع مشاعرهم وتنمية استقرارهم العاطفي.
6. تعليمهم التعاطف مع الآخرين
تتضمن تنمية الذكاء العاطفي عند الأبناء تشجيع الأطفال على ممارسة التعاطف مع مشاعر الآخرين، وهو ما يمكن أن يعزز استقرارهم العاطفي ويعمِّق ارتباطهم العاطفي بمن حولهم. وهناك تقنيات كثيرة يستخدمها الكوتشينغ لتحقيق ذلك، مثل اللعب التمثيلي، وطرح أسئلة داعمة، مثل "كيف تعتقد أنَّ صديقك يشعر الآن؟".
7. مراقبة التقدم وتعزيز السلوك الإيجابي
يتابع الكوتش تقدُّم الأطفال في التعرف على مشاعرهم والتعبير عنها، مع تعزيز السلوكات الصحية من خلال الإشادة بتسمية مشاعرهم وتشجيعهم على استخدام استراتيجيات التهدئة، عندما يشعرون بالغضب أو القلق. يمكن استخدام المكافآت، مثل الثناء على هذه المحاولات لتشجيع الأطفال على الاستمرار في تحسين مهاراتهم العاطفية.
8. التعاون مع الآباء والمربين
يتعلم الأطفال من خلال إشراك الأهل والمربين في عملية الكوتشينغ كيفية استخدام هذه المهارات في حياتهم اليومية.
الكوتشينغ في تعزيز بيئة تربوية صحية
يعدُّ الدعم الاجتماعي والعاطفي للأطفال في سِنٍّ مبكِّرة أساساً قوياً لبناء مستقبلهم، فيُديرون عواطفهم وسلوكاتهم إدارة سليمة، ويعززون قدرتهم على بناء علاقات طيبة مع الآخرين، ويلتزمون بالقواعد ويتفاعلون ضمن المجموعات.
حيث أظهرت دراسة من منظمة كاسل (CASEL) أنَّ برامج التعلم الاجتماعي والعاطفي، تقلل المشكلات السلوكية بنسبة 42%، مما يبرز أهمية هذه البرامج في تحسين سلوك الأطفال، كما أوضحت أبحاث تأثير التوجيه في الأطفال أنَّ الأطفال الذين يتعلمون المهارات الاجتماعية والعاطفية في مرحلة الطفولة المبكرة، يحققون نتائج أكاديمية أفضل مقارنة بالأطفال الذين لا يتلقون هذا الدعم.
لذا، فإن تهيئة بيئة تربوية صحية للأطفال في المدرسة والمنزل يدعم النمو العاطفي والاجتماعي، ويتحقق ذلك من خلال:
1. إنشاء بيئة مدرسية داعمة للنمو الاجتماعي والعاطفي
- تدريب المعلمين على استخدام لغة مشجعة تساعد الأطفال على التعبير عن مشاعرهم بثقة.
- تحفيز الأطفال على التفكير النقدي حول مشاعرهم وسلوكاتهم باستخدام أسئلة، مثل: "كيف شعرت عندما حدث ذلك؟".
- تقديم دعم فردي مخصص لكل طالب وفق احتياجاته العاطفية والاجتماعية.
- تعزيز بيئة تشجع العمل الجماعي والتعاطف وحل المشكلات حلَّاً مشتركاً.
- إدراج نشاطات، مثل تمرينات التنفس الواعي وتمرينات التحكم في الغضب لمساعدة الأطفال على إدارة مشاعرهم.
- تقديم ملاحظات تدعم التحسين بدلاً من النقد، مثل: "أحببت تعاملك مع الموقف، هل هناك طريقة أخرى تعتقد أنَّها قد تنجح أيضاً؟".
- مساعدة الأطفال على التعرف إلى القيم الهامة، مثل الاحترام والتعاون والصدق من خلال مناقشات جماعية.
- تمكين إدارة النزاعات بطريقة بنَّاءة للأطفال من خلال تدريبهم على استراتيجيات لحل الخلافات بطرائق سلمية.
- إشراك الأهل في العملية التربوية وتقديم جلسات توجيهية للأهالي حول كيفية دعم النمو العاطفي والاجتماعي للطفل في المنزل.
- وضع توقعات واضحة للسلوك داخل الفصل، مما يقلل التوتر والقلق لدى الطلاب.
- تدريب الأطفال على إعادة صياغة الأفكار السلبية إلى أفكار أكثر إيجابية من خلال الحوار والتوجيه.
- تعزيز ثقافة النمو والتعلم من الأخطاء، فيكون الفشل جزءاً من التعلم وليس مصدراً للخوف أو العقاب.
- إنشاء بيئة صفية آمنة نفسياً وخالية من الأحكام، فيشعر الأطفال بالراحة في مشاركة أفكارهم ومشاعرهم.
2. إنشاء بيئة منزلية داعمة للنمو الاجتماعي والعاطفي
- تخصيص وقت للاستماع إلى الطفل دون مقاطعة، مما يعزز شعوره بالتقدير.
- طرح أسئلة تساعد الطفل على التعبير عن مشاعره، مثل: "كيف كان يومك؟ وما الشيء الذي أسعدك أكثر؟".
- تعليم الطفل كيفية التعرف إلى مشاعره وتسميتها.
- تقديم الدعم بدلاً من التوجيه الصارم.
- تعزيز المهارات الاجتماعية من خلال اللعب الجماعي لتنمية مهارات التعاون والمشاركة.
- نموذج القدوة العاطفية الإيجابية وإظهار طرائق صحية لإدارة المشاعر أمام الطفل.
- إشراك الطفل في حل المشكلات العائلية، مثل مناقشة خطط الأسرة بطريقة تعزز مشاركته وإحساسه بالمسؤولية.
- إعطاء الطفل حرية التعبير عن رأيه واحترام وجهات نظره ومناقشتها بدلاً من رفضها مباشرة.
- تعبير الطفل عن الامتنان يومياً من خلال نشاطات، مثل: "ما أكثر شيء جعلك سعيداً اليوم؟".
- إدارة المشاعر من خلال الروتين اليومي وتوفير نشاطات تساعد الطفل على الاسترخاء، مثل القراءة قبل النوم أو التأمل البسيط.
توجيه الأبناء تجاه المهارات الحياتية الأساسية
نحن نزوِّد أطفالنا خلال سنوات تكوينهم بكل شيء ولا يوجد خطأ في ذلك، ولكن هل نساعدهم على أن يكونوا سعداء بأنفسهم؟ أم أنَّنا نوفر لهم السعادة؟ إذا كان الأمر الأخير، فهذا يعني أنَّه عندما نغيب عنهم في المنزل أو المدرسة، قد لا يقدرون على اتخاذ القرارات بأنفسهم أو قد يطورون مهارات ضعيفة في اتخاذ القرار. فكيف نجهزهم ليكونوا سعداء دوننا؟
يركِّز الكوتشينغ لتطوير الأبناء في برامجه على تعليم الأطفال المهارات الحياتية الأساسية من مثل: التفكير النقدي، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات، وإدارة النزاعات، وإدارة العواطف وغيرها.
ومن الأفكار الرئيسة التي يركز عليها الكوتشينغ في المهارات الاجتماعية للأطفال مع الآباء هي تجنب " فخ التعاطف"؛ أي عندما يواجه أطفالنا موقفاً صعباً يجب عدم التدخل الفوري والقيام بأشياء سريعة لمساعدتهم، فقد تضر مثل هذه التصرفات بتعليم مهارات اتخاذ القرار وتطورها، وإذا استمر الطفل في الاعتماد على الآخرين لحل مشكلاته، سيعتقد أنَّ الآخرين هم من يمكنهم حل مشكلاته دائماً، بالتالي تضعف مهارات اتخاذ القرار، ويتشكل لدى الطفل اعتقاد بأنَّه لا يستطيع حل مشكلاته بنفسه، مما يضعف ثقته بنفسه ويحد من استقلاليته.
إليك الخطوات التالية لبناء الثقة بالنفس عند الأبناء وتعليمهم مهارة اتخاذ القرار:
- تقييم أهمية الموقف: إذا كانت المشكلة ذات أهمية حقيقية للطفل، يساعده الكوتشينغ لتطوير الأبناء على التفكير بالخيارات المتاحة، بدلاً من التدخل لحلها مباشرة، وإذا كانت المشكلة أقل أهمية، يركز على الاستماع النشط، مما يمنح الطفل الفرصة للتفكير في الحلول بنفسه.
- تحديد الدروس المستفادة من الموقف: مثل الصمود أو المسؤولية أو حل النزاعات بطريقة بنَّاءة. عند طرح هذه الأسئلة، نوجِّه الطفل للتفكير في العواقب المحتملة لكل قرار يتخذه.
- تحديد دور الوالدين ودور الطفل في حل المشكلة: يجب أن يتعلم الطفل تحمل المسؤولية واتخاذ قراراته بنفسه؛ إذ يكون دور الوالدين هنا مرشدين فقط، لا متدخلين.
- تقديم الأدوات أو الدعم الذي قد يحتاجه الطفل لحل المشكلة، دون إعطائه الحلول مباشرة؛ أي مساعدته على التفكير بالخيارات، ولكنَّ القرار النهائي يبقى للوالدين.
- منح الطفل المساحة اللازمة لحل المشكلة بأنفسهم، فيجب أن يشعر الطفل بالمسؤولية والقدرة على اتخاذ قراراته باستقلالية.
- مساعدة الطفل على تقييم نتائج قراره، سواء كانت جيدة أم لا، كي يتعلم من أخطائه ومن نجاحاته.
- التعلم من التجربة وتعليم الأطفال أنَّ معظم المواقف لن تُحَل في مرة واحدة، وأنَّه من الطبيعي العودة إلى التفكير في الخطوات السابقة وتكرار العملية، فيكتسب الطفل مع مرور الوقت مهارات اتخاذ القرار وحل المشكلات، مما يزيد من ثقته بنفسه وقدرته على إدارة النزاعات بطريقة بنَّاءة.
الكوتشينغ في تحسين مهارات التواصل الفعَّال للأطفال
تعدُّ مهارات التواصل من الأساسيات التي يحتاجها الأطفال للنجاح في حياتهم اليومية؛ لذا يركز الكوتشينغ على تحسين مهارات التواصل الفعال للأبناء من خلال التدريب وتعزيز التواصل العائلي لدعم الأبناء في التعبير عن أنفسهم بوضوح، والاستماع الجيد للآخرين، والمشاركة الفعالة في المناقشات.
حيث توصَّلنا وفقاً لدراسة أجرتها "SCOPE" في عام 2021 إلى أنَّ الأطفال الذين تلقوا تدريباً على مهارات التواصل من خلال الكوتشينغ، أظهروا تحسناً ملحوظاً في قدرتهم على التعبير عن احتياجاتهم ومشاعرهم، و 85% من الأطفال الذين خضعوا لجلسات كوتشينغ أبدوا زيادة في ثقتهم بأنفسهم في التفاعل مع الآخرين.
يحسِّن الأطفال من خلال استخدام تقنيات الكوتشينغ، مثل تمثيل الأدوار، والمناقشات الهادئة، وإعادة صياغة الأفكار، قدرتهم على الاستماع الفعال، ويُظهرون الاهتمام من خلال إشارات لفظية وغير لفظية. ويستخدم الأطفال مهارات التواصل هذه في مواقف حقيقية، مثل إرسالهم إلى المتاجر للقيام بمهمات صغيرة، أو إشراكهم في نقاشات حول القضايا الحالية، وقد أثبت أبحاث تأثير التوجيه في الأطفال أنَّ 72% من الأطفال الذين شاركوا في نشاطات الكوتشينغ، تحسَّنت مهاراتهم في طرح الأسئلة والمطالبة بالمساعدة عندما يحتاجون إليها.
إذاً، يطور الأطفال مجموعة من المهارات الأساسية منها: تنظيم الذات، والاستماع النشط دون مقاطعة الطرف الآخر، وفهم وجهات نظر الآخرين لتعزيز التعاطف ورؤية المواقف من زوايا مختلفة، كذلك يجب أن يعبِّر الأطفال عن أفكارهم ومشاعرهم بوضوح واحترام وامتلاك مهارة حل المشكلات لتحديد الحلول التوافقية التي ترضي الجميع.
وكي تعلم الأطفال إدارة النزاعات بطريقة بنَّاءة، يُدمَج التوجيه في النشاطات اليومية من قِبل المربين وتُتّبع الخطوات التالية:
1. وضع الأساس
حدِّدْ توقعات واضحة حول كيفية التعامل مع الخلافات قبل حدوث النزاع، وعلِّم الأطفال استخدام عبارات، مثل "أشعر بـ..." بدلاً من لوم الآخرين.
2. نموذج لحل النزاع
قدِّمْ للأطفال مثالاً عملياً عن كيفية إدارة النزاع من خلال الحفاظ على الهدوء والتحكم بالعواطف، واشرح لهم خطوات حل النزاع، مثل تحديد المشكلة، والاستماع للطرف الآخر، وطرح حلول، والتوصل إلى اتفاق.
3. إرشاد الأطفال خلال النزاع
لا تحل المشكلة فوراً عندما يواجه الأطفال نزاعاً؛ بل اطرح الأسئلة التي تشجع على التفكير النقدي.
4. تمثيل الأدوار
استخدِمْ تمثيل الأدوار لممارسة سيناريوهات النزاع المحتملة وإتاحة الفرصة للأطفال لرؤية الموقف من زوايا مختلفة.
5. تعليم التنازل والتفاوض
علِّمْ الأطفال كيفية إيجاد حلول رابحة للطرفين "win-win" عن طريق التفاوض والتنازل.
6. مدح الحلول الإيجابية
يعد المدح من قواعد الكوتشينغ الأساسية؛ أي عندما يحل الأطفال النزاع بطريقة بنَّاءة، امدحهم على ذلك، فهذا يشجعهم على اتباع هذه السلوكات في المستقبل.
7. التفكير في الحلول بعد النزاع
شجِّعْ الأطفال بعد حل النزاع على التفكير فيما عملوه جيداً، وما يمكن تحسينه في المرة القادمة.
دمج تقنيات التوجيه في الحياة اليومية لتطوير المهارات
يعد دمج التوجيه في النشاطات اليومية أحد أفضل الطرائق لدعم نمو مهارات الأبناء وتطويرهم باستمرار، فيمكن للآباء تقديم بيئة تعليمية تُحفز الأبناء على التفكير النقدي، وتنمية مهارات التواصل، وتعليمهم كيفية إدارة المواقف الصعبة أو النزاعات بطريقة بنَّاءة. وإليك بعض الطرائق لدمج التوجيه في النشاطات اليومية وبناء الثقة بالنفس عند الأبناء:
1. إشراك الأبناء في اتخاذ القرارات
عند القيام بمهام، مثل ترتيب المنزل أو إعداد الطعام، يمكن للآباء إرشاد أبنائهم حول كيفية اتخاذ قرارات بسيطة، مثل اختيار قائمة الطعام أو اختيار الأدوات المناسبة للمهام.
2. استخدام أسلوب "التفكير معاً"
يركز الكوتشينغ لتطوير الأبناء على أسلوب التفكير معاً، بدلاً من إعطاء الأوامر أو الإجابات الفورية، فإذا واجهَ الطفل صعوبة في حل مشكلة، يمكن للوالد أن يسأله: "ما هي الخيارات التي تفكر فيها؟".
3. التوجيه في التعامل مع المشاعر
ينظِّم الآباء مشاعر أبنائهم باستخدام تقنيات العد إلى عشرة في المواقف العاطفية التي يسودها الغضب أو الإحباط، ويحفِّزوهم على التعبير عن مشاعرهم بطريقة هادئة.
4. استخدام التجارب بوصفها فرصاً للتعلم
يجب أن ينظر الآباء إلى كل تجربة أو موقف بوصفه فرصة لتعليم الأبناء كيفية التعامل مع الحياة. فإذا واجه الطفل مشكلة في المدرسة أو في علاقاته مع أصدقائه، يمكن للوالد أن يطرح عليه أسئلة ليُفكِّر في الحلول الممكنة: "ماذا حدث؟ كيف شعرت؟ ماذا يمكننا أن نتعلم من هذه التجربة؟".
5. استخدام التعزيز الإيجابي
عندما ينجح الأبناء أو يظهرون تحسناً في مهاراتهم.
6. تعزيز تعلم الأبناء من الأخطاء
يجب أن يعرف الأبناء أنَّ الأخطاء جزء طبيعي من رحلة التعلم وتشجيعهم على تحليل الأخطاء، بدلاً من الشعور بالإحباط.
7. استخدام التوجيه بوصفه أسلوب حوار
يركز الكوتشينغ في المهارات الاجتماعية للأطفال على أسلوب الحوار بدلاً من إعطاء توجيه مباشر، فيطرح الآباء أسئلة مفتوحة للتفكير في المواقف المختلفة من مثل: "كيف يمكنك تحسين هذا الموقف؟" أو "ماذا تعلمت من هذا الموقف؟".
دور العائلة في تعزيز مهارات الأبناء الاجتماعية والعاطفية
تعد الروابط الأسرية الصحية والمستقرة أساس النمو العاطفي والاجتماعي للأطفال؛ إذ يعزز الكوتشينغ لتطوير الأبناء هذه الروابط ويعلم الأطفال كيف يكونون جزءاً من أسرة محبة ومتعاونة، وهذا من شأنه بناء الثقة بالنفس لدى الأبناء ودعم استقرارهم العاطفي و تعاملهم مع المواقف الاجتماعية في المستقبل.
إليك بعض الأشياء التي يمكن للعائلة القيام بها لدعم نمو أطفالها الاجتماعي والعاطفي باستخدام الكوتشينغ:
1. تعزيز مهارات التواصل العاطفي
يعزز الكوتشينغ التواصل العائلي لدعم الأبناء من خلال تعليم الأطفال كيفية التعبير عن مشاعرهم بوضوح، وكيف يضعون أنفسهم في مكان الآخرين، سواء كانوا أفراد عائلتهم أم أصدقائهم، بالتالي يتعزز فهمهم لأهمية الاحترام المتبادل والتعاطف داخل الأسرة.
2. إظهار الحب والاهتمام
عندما يشعر الأطفال أنَّهم محاطون بالحب والاهتمام، يعبِّرون عن مشاعرهم بثقة وأمان، وعن لحظات العناق، والكلمات الدافئة، والاهتمام اليومي، بالتالي يتعزز شعورهم بالانتماء والراحة العاطفية.
3. تعليم قيم التعاون والمشاركة
من خلال إشراك الأطفال في النشاطات العائلية، مثل تحضير الطعام معاً أو تنظيم الألعاب العائلية، أو ترتيب المنزل. تساعدهم هذه النشاطات كي يتعاونوا مع الآخرين ويشعروا بالمسؤولية تجاه الآخرين داخل الأسرة.
4. إرساء قواعد الاحترام المتبادل
يعزز تعليم الأطفال أهمية الاحترام المتبادل باستخدام تقنيات الكوتشينغ لتطوير الأبناء التفاعل الاجتماعي للأبناء ويقوِّي الروابط الأسرية ويعلمهم كيفية التعامل مع الأقران والمجتمع عموماً.
5. توجيه الأسرة لفتح حوارات مفتوحة
يتعلم الأطفال من خلال حوار مفتوح داخل الأسرة كيفية التعبير عن آرائهم بهدوء وأدب.
6. تقنيات التغذية العاطفية
يمكن أن يُساعد الأبناء على تطوير مهاراتهم العاطفية من خلال تقنيات التغذية العاطفية، مثل إخبارهم بما يقومون به.
دراسات وأبحاث: تأثير التوجيه في مهارات الأبناء
أثبتت إحصائيات عن فاعلية الكوتشينغ في التربية أنَّ الكوتشينغ أداة فعَّالة في تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية والمهارات الحياتية للأطفال، وتعزيز التفاعل الاجتماعي للأبناء، والاندماج مع بيئتهم، والتعامل مع تحديات الحياة بثقة ومرونة أكبر. ومن أمثلة تلك الدراسات:
1. دراسة مونتريال الطولية التجريبية (MLES)
دراسة مونتريال لمعالجة المشكلات السلوكية بين الأولاد الذين وصفهم المعلمون بأنَّهم عدوانيون للغاية أو مفرطو النشاط، قُسِّم 250 فتى تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 9 سنوات، يعيشون في أحياء فقيرة في مونتريال، إلى مجموعتين عشوائيَّتَين.
حيث تلقت مجموعة الأولى تدريباً مكثفاً على المهارات الاجتماعية وضبط النفس لمدة عامين، بينما تم التعامل مع المجموعة الأخرى بالطريقة التقليدية، مثل إرسالهم إلى مكتب المدير أو طردهم من الفصل عند حدوث مشكلات سلوكية.
ركز التدريب على موضوعات، مثل كيفية التعامل مع السخرية، ودعوة الأشخاص للَّعب، وتنمية مهارات التفكير في وجهات النظر الأخرى، وتطوير استراتيجيات سلوكية باستخدام تمثيل الأدوار.
وتابعَ فريق من الباحثين بقيادة "ريتشارد إي ترمبلاي" تأثير هذا التدريب في المشاركين لعدة سنوات بعد التدخل، وجُمِعَت البيانات حول التعليم، والتوظيف، والإنجازات الاجتماعية، والنفقات الحكومية.
وأظهرت الدراسة أنَّ البرنامج التدريبي الذي استمر لمدة عامين لم يكن له تأثير إيجابي في حياة المشاركين فحسب؛ بل حسَّن المجتمع عموماً، فقد قلَّل البرنامج معدلات الجريمة، وخفَّف الاعتماد على المساعدات الاجتماعية، وزادَ فرص التوظيف والتعليم، وعزز فرص الزواج والاستقرار الأسري والمشاركة المجتمعية، مثل تقليل الاعتماد على المساعدات الاجتماعية بنسبة 40% مقارنة بالمجموعة الضابطة، بينما اعتمدت المجموعة الضابطة على المساعدات الاجتماعية لمدة 3.9 سنوات في المتوسط، وحصَلَ المشاركون في البرنامج على الدعم لمدة 2.8 سنوات فقط، بالتالي حقق البرنامج عائداً استثمارياً يفوق عشرة أضعاف؛ لأنَّ كل دولار يُستثمَر في تدريب طفل في سِنِّ الثامنة يعود بمبلغ 11 دولاراً بحلول سِنِّ 39 عاماً.
2. دراسة بعنوان "تأثير الكوتشينغ في المهارات الاجتماعية والعاطفية للأطفال"
قام بهذه الدراسة كل من د. "جون سميث" وفريقه البحثي ونُشِرَت في مجلة Child Development Journal عام 2020، وأظهرت أنَّ الأطفال الذين تلقوا جلسات كوتشينغ مركِّزة على المهارات الاجتماعية والعاطفية، أظهروا تحسنا كبيراً في مهارات تنظيم الذات، وارتفاعاً في مهارات التواصل الاجتماعي مع أقرانهم، كما أنَّ 65% من الأطفال الذين شاركوا في البرنامج، أظهروا تحسناً في القدرة على حل النزاعات بطريقة بنَّاءة.
3. دراسة "الكوتشينغ من أجل التنمية العاطفية والاجتماعية في مرحلة الطفولة المبكرة"
قامت بالدراسة "إليزابيث تومسون" وفريقها البحثي، ونُشرت في مجلة Early Childhood Education Journal عام 2019، وأظهرت الدراسة التي أجريت على 200 طفل في سنِّ ما قبل المدرسة أنَّ الكوتشينغ يعزز مهارات التواصل الفعَّال والقدرة على التعبير عن المشاعر بوضوح، وكان الأطفال الذين تلقوا جلسات كوتشينغ أكثر قدرة على التعامل مع النزاعات داخل الصف بنسبة 50% مقارنة بالأطفال الذين لم يتلقوا التدريب.
في الختام
يعد الكوتشينغ لتطوير الأبناء أداة أساسية في تطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية، فيساعدهم على بناء الثقة بالنفس، وتحسين التواصل، وتعزيز القدرة على حل المشكلات والتكيف مع المواقف المختلفة. أظهرت أبحاث تأثير التوجيه في الأطفال أنَّ الأطفال الذين يخضعون لجلسات كوتشينغ منتظمة، يحققون نمواً ملحوظاً في مهاراتهم الحياتية، مما ينعكس إيجابياً على نجاحهم الأكاديمي، وعلاقاتهم الاجتماعية، واستقرارهم العاطفي على الأمد الطويل.
المصادر
- Social and emotional skills
- How Coaching And Mentoring Can Help Your Child Achieve Success
- How Coaching Children in Social Skills Yields Tremendous Individual and Social Benefits
- What Is Social and Emotional Learning?
- Almost half of children saw their social and emotional skills worsen during the pandemic – and economic turbulence played a role
- Five ways teachers can support students' emotional development
- Decision making skills; empowering your teen.
- Teaching Conflict Resolution to Kids
- DEVELOPING COMMUNICATION SKILLS
دعنا نساعدك
دعنا نساعدك
حقق أهدافك واحصل على الدعم الذي تحتاجه، تواصل معنا وابدا رحلة التغيير التي تريدها.
تواصل معنا الآن
آخر المدونات
اشترك في نشرتنا الإخبارية
اكتب بريدك الالكتروني واضغط على زر اشتراك
اشترك الآن واحصل على آخر المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت قد مضى.