لماذا يحتاج مقدِّمو البرامج الحوارية إلى تدريب مستمر؟ دراسة حول التكيف مع تطورات الإعلام الحديث

blog-details

البرامج الحوارية تدريب مستمر الإعلام الحديث الكوتشينغ الإعلامي

يواجه مقدمو البرامج الحوارية تحديات غير مسبوقة، فقد أصبحت البرامج اليوم بحاجة إلى إلمام تام بأدوات الإعلام الحديث ومرونة في التكيف مع المتغيرات المتسارعة، فما كان يصلح منذ سنوات قليلة قد لا يكون مناسباً اليوم، ومن هنا تبرز أهمية تدريب مقدمي البرامج بوصفه مفتاحاً للابتكار والبقاء في صدارة المشهد الإعلامي.

ولا تقتصر هذه الدراسة على مجرد تحليل هذه الحاجة؛ بل تستكشف كيفية تحول التدريب إلى أداة لا غنى عنها لمقدمي البرامج للحفاظ على قدرتهم على التواصل الفعَّال مع جمهور دائم التغير، وإعادة تشكيل مفهوم الإعلام بما يتناسب مع متطلبات العصر الرقمي.

كيف تؤثر تطورات الإعلام الحديث في أسلوب التقديم التلفزيوني؟

شَهِدَ العالم منذ بداية التسعينيات ثورة اتصالية غيَّرت ملامح الإعلام وأثرت في أسلوب التقديم التلفزيوني، فقد أصبح الإعلام جزءاً أساسياً من الاقتصاد المعرفي الذي يُنتِج المعلومات ويُبادلها، وهو ما أشار إليه عالم المستقبل الأمريكي "ألفن توفلر" بوصفه "الموجة الثالثة" من الحضارة، التي حولت المعرفة إلى مصدر أساسي للقوة، وقد دفع هذا التحول الإعلامي إلى تزايد حاجة وسائل الإعلام لتقديم محتوى يشد انتباه الجماهير، مما جعل الإعلاميين أمام تحديات كبيرة تتطلب منهم التكيف مع هذه التحولات المستمرة.

تعد هذه التغيرات من أبرز العوامل التي جعلت تدريب مقدمي البرامج أكثر أهمية من أي وقت مضى، وأظهرت إحصائية أنَّ 78% من الإعلاميين أكدوا أنَّ الكوتشينغ الإعلامي، ساعدهم على مواكبة التغيرات في الإعلام، ما يعكس أهمية تطوير المهارات والقدرات اللازمة لمواكبة العصر الرقمي، وأصبح من الضروري مع تزايد تأثير وسائل الإعلام في تشكيل ثقافة المجتمع أن يمتلك مقدمو البرامج أدوات لعرض المحتوى عرضاً يتناسب مع ثقافة استهلاكية تزداد تفاعلاً مع الإعلان والتسويق، فيشكل الإعلان جزءاً أساسياً من توجيه القيم المجتمعية ويركِّز على مفهوم المكانة الاجتماعية من خلال الملكية والرفاهية.

لم يعد التكيف مع هذا التحول مجرد خيار؛ بل ضرورة، فتعلَّم مقدمو البرامج في الإعلام الحديث كيفية التأثير في الجمهور بما يتوافق مع التغيرات الثقافية والاقتصادية العالمية.

البرامج الحوارية

ما هي المهارات التي يحتاجها مقدمو البرامج لمواكبة العصر؟

يطوِّر مقدمو البرامج اليوم أنفسهم باستمرار ليتفاعلوا مع جمهور متطلب ومتنوع في عالم يشهد تحولات سريعة في طرائق استهلاك المحتوى، وهنا يأتي دور تدريب مقدمي البرامج في تزويدهم بالمهارات اللازمة التي تجعلهم أكثر احترافية وتأثيراً من خلال ما يأتي:

1. بات الذكاء العاطفي عنصراً أساسياً

فالمقدم الناجح يجب أن يكون قادراً على قراءة مشاعر جمهوره والتفاعل معها بمرونة، فهو لا ينقل المعلومات فحسب؛ بل يخلق اتصالاً عاطفياً يجعل المشاهد أو المستمع يشعر بأنَّه جزء من الحوار.

2. أصبح التفكير النقدي مهارة لا غنى عنها

خصيصاً في عصر المعلومات الزائفة؛ إذ يجب على مقدمي البرامج امتلاك القدرة على تحليل الأخبار والمصادر، وعدم الانجراف وراء الشائعات، لضمان تقديم محتوى موثوق ومبني على حقائق.

3. لم يعد محو الأمية الرقمية خياراً بل ضرورة

إذ يجب على مقدمي البرامج إتقان الأدوات الرقمية الحديثة، سواء في الإنتاج أم البث أم التفاعل مع الجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح التواصل المباشر مع الجمهور جزءاً أساسياً من نجاح أي برنامج.

4. أصبح إنتاج وتحرير الفيديو مهارة مطلوبة

فكثير من المذيعين اليوم لا يعتمدون على الفرق التقنية فقط؛ بل يشاركون في إعداد محتواهم وإخراجه بصورة احترافية، ما يمنحهم ميزة تنافسية قوية في سوق العمل.

5. أهمية مهارات التواصل والتفاعل مع الجمهور

إذ يجب أن يمتلك المقدِّم أسلوباً جذاباً يمكِّنه من إيصال الأفكار بوضوح وسلاسة، مع القدرة على التعامل مع مختلف الشخصيات والمواقف المفاجئة التي قد تحدث في البث المباشر.

نلاحظ أنَّ نجاح مقدمي البرامج في العصر الحديث، يعتمد على قدرتهم على التكيف مع التغيرات المستمرة، وتطوير مهاراتهم دورياً، ومن هنا فإنَّ تدريب مقدمي البرامج أصبح ضرورة لمواكبة التطورات الإعلامية والحفاظ على المكانة المهنية وسط منافسة شرسة لا تعترف إلا بالأفضل.

دور التدريب المستمر في تعزيز الحضور الإعلامي والتأثير الجماهيري

يعزز تدريب مقدمي البرامج الحضور الإعلامي وبزيد التأثير الجماهيري، ويسهم مباشرة في الأداء الإعلامي للمذيعين ومقدمي البرامج، فالتدريب لا يحسِّن مهارات الإلقاء أو يتحكم في نبرة الصوت فحسب؛ بل يشمل أيضاً إتقان تقنيات الحوار، والتفاعل مع الجمهور، وفهم آليات التأثير النفسي في الرسائل الإعلامية.

وتشير الإحصائيات إلى أنَّ 85% من المذيعين الذين خضعوا للتدريب المستمر، شهدوا زيادة في جماهيريتهم، مما يعكس الدور المحوري لهذه العملية في بناء الهوية الإعلامية وتعزيز المصداقية، ومن خلال تدريب مقدمي البرامج على استراتيجيات التواصل الفعَّال، يجذبون اهتمام الجمهور، ويحققون حضوراً قوياً في المشهد الإعلامي، مما يعزز قدرتهم على إيصال الرسائل بوضوح وإقناع.

كيف يطوِّر التدريب لغة الجسد وأساليب التواصل؟

يمتد التواصل الفعَّال في الإعلام ليشمل لغة الجسد للمذيعين، التي تعكس الثقة والمصداقية وتُحدث فرقاً في مدى تفاعل الجمهور؛ إذ تعزز الإيماءات المدروسة، وحركة العينين، وطريقة الوقوف أو الجلوس الرسالة أو تضعف تأثيرها.

وتشير الإحصائيات إلى أنَّ 72% من المذيعين، لاحظوا زيادة في جاذبيتهم الجماهيرية بعد تحسين لغة الجسد، مما يؤكد دورها الأساسي في شد الانتباه وبناء علاقة قوية مع المشاهدين.

كما يؤدي تدريب مقدمي البرامج على تقنيات الصوت دوراً هاماً في ضبط الإيقاع والتعبير عن المشاعر بوضوح، مما يجعل الأداء أكثر تميزاً، ويتعلم المذيعون من خلال التدريب على الإلقاء الإعلامي كيفية دمج الصوت والحركة بسلاسة، مما يمنحهم قدرة أكبر على التأثير والإقناع، ويجعل ظهورهم الإعلامي أكثر احترافية وتأثيراً.

البرامج الحوارية

استراتيجيات التدريب الفعَّال لمقدمي البرامج الحوارية

يعتمد تدريب مقدمي البرامج الحوارية على استراتيجيات متعددة تعزز مهاراتهم في إدارة الحوارات وتجذب انتباه الجمهور بكفاءة، وإليك أبرز هذه الاستراتيجيات:

1. تطوير مهارات الحوار والنقاش

يجب أن يتدرب المقدمون على فن إدارة الحوار، بما يشمل طرح الأسئلة الذكية، وتوجيه النقاش بسلاسة، والتعامل مع الآراء المختلفة دون انحياز.

2. تدريب مقدمي البرامج على لغة الجسد والصوت

يشمل ذلك تحسين لغة الجسد للمذيعين من خلال استخدام تعابير الوجه والإيماءات المناسبة، بالإضافة إلى ضبط تقنيات الصوت، مثل نبرة الحديث والإيقاع لجذب اهتمام المشاهدين.

3. محاكاة المواقف الإعلامية الحقيقية

يعزز إجراء تمرينات تحاكي البث المباشر، مثل التعامل مع الضيوف الصعبين أو إدارة الأزمات الإعلامية الثقة والمرونة في التقديم.

4. تعزيز مهارات الاستماع الفعَّال

يجب أن يفهم مقدم البرامج مواقف الضيوف ويُوجِّه النقاش بذكاء، مما يجعله أكثر تأثيراً.

5. التدريب على البحث والإعداد المسبق

يتضمن ذلك تطوير مهارات البحث لجمع المعلومات الدقيقة حول الموضوعات المطروحة، مما يضمن تقديم محتوى غني وذكي للمشاهدين.

6. استخدام التكنولوجيا والتفاعل مع الجمهور

يعزز تعلُّم كيفية استخدام التقنيات الحديثة، مثل الشاشات التفاعلية ووسائل التواصل الاجتماعي التفاعل ويزيد الانتشار الإعلامي.

كيف يؤثر التدريب على قدرة المذيعين في إدارة الحوارات الصعبة؟

يعد تدريب مقدمي البرامج سلاحاً للمذيعين في ساحة الحوارات الصعبة، فهو يحسن نبرة الصوت أو يضبط لغة الجسد، كما يتعمق في استراتيجيات إدارة الحوارات الإعلامية، ويتعامل المذيع مع الضيوف الصعبين، ويوجه النقاش دون فقدان السيطرة، ويتحكَّم من خلال تدريب مقدمي البرامج في الحوار، ويعرف متى يمنح الضيف مساحة للتعبير، ومتى يقاطعه بذكاء لإعادة النقاش إلى مساره الصحيح، كما يعزز من مهارات التواصل الفعَّال، فيصبح أكثر قدرة على قراءة لغة الجسد، واستخدام نبرات الصوت والتوقفات المدروسة لإحداث التأثير المطلوب.

أظهرَت الإحصائيات أنَّ 65% من المذيعين الذين خضعوا للتدريب، أداروا الحوارات الصعبة، مما يدل على أنَّ الموهبة وحدها لا تكفي؛ بل يجب صقلها بالتدريب المستمر.

التكيف مع الإعلام الرقمي: لماذا يحتاج مقدمو البرامج إلى مهارات جديدة؟

سواء كان الهدف هو تحسين الإنتاجية، أم سد فجوات المهارات، أم تعزيز مشاركة الموظفين، فإنَّ الاستثمار في تنمية المواهب، يظل أحد أكثر الاستراتيجيات تأثيراً في تحقيق النمو والابتكار والقدرة التنافسية على الأمد الطويل.

1. تحسين الأداء والإنتاجية

لا يعد الاستثمار في تنمية المهارات مجرد نفقات إضافية؛ بل هو رافد أساسي لرفع كفاءة الموظفين وتعزيز الإنتاجية؛ إذ يتمتع الموظفون المدربون جيداً بقدرة أكبر على أداء مهامهم بفعالية، مما يحسن الأداء العام ويقلل الأخطاء التشغيلية.

وتستثمر الشركات الأمريكية وفقاً لمركز جامعة جورج تاون للتعليم والقوى العاملة ما يقرب من 180 مليار دولار سنوياً في التدريب والتطوير، وهو دليل على الدور المحوري لهذه العملية في بناء كوادر قادرة على تحقيق نتائج ملموسة، ولكنَّ التحدي الحقيقي، لا يكمن في حجم الاستثمار؛ بل في ضمان تحويله إلى تحسن عملي وفعلي في الأداء.

2. معالجة فجوات المهارات

تعد فجوات المهارات في بيئة العمل عقبة أمام التقدم المؤسسي، مما يستدعي حلولاً سريعة وفعالة، وأظهر استطلاع أجرته LinkedIn أنَّ 64% من مسؤولي التعلم والتطوير، يعِدُّون إعادة تأهيل القوى العاملة أولوية قصوى، ولتحقيق ذلك تعتمد عدد من المؤسسات على أدوات تقييم رقمية تحدد المجالات التي تحتاج إلى تحسين، مما يتيح تصميم برامج تدريبية مخصصة تعالج هذه الفجوات بفعالية.

3. تعزيز مشاركة الموظفين وزيادة معدلات الاحتفاظ

يشعر الموظفون الذين يحصلون على فرص تطوير مستمرة بأنَّهم أكثر تقديراً، مما يزيد من انخراطهم والتزامهم بالمؤسسة، ووفقاً لدراسة أجرتها InStride، فإنَّ أكثر من ثلث الموظفين، يفتقرون إلى الثقة في مهاراتهم مقارنة بفترة ما قبل الجائحة، بينما يتوقع 46% أن تصبح مهاراتهم الحالية غير صالحة في المستقبل القريب؛ لذا فإنَّ توفير برامج تطوير مستهدفة، لا يعزز فقط معنويات الموظفين؛ بل يقلل معدلات الدوران الوظيفي ويزيد الاستقرار داخل المؤسسة.

أهمية التدريب الإعلامي في تحسين التفاعل مع الجمهور من خلال المنصات المختلفة

تكشف إحدى الدراسات عن فروقات جوهرية بين مناهج التدريب في معهد الجزيرة للإعلام وجامعتَي قطر والجزيرة، خصيصاً في التركيز على التطبيق العملي مقابل الجانب النظري، ويولي معهد الجزيرة اهتماماً كبيراً بالممارسة العملية، فتصل نسبة التطبيق في بعض الدورات، مثل "الكتابة للإنترنت" و"السرد البصري التفاعلي"، إلى 100%، وريما تشكل الجوانب العملية 80% من إجمالي الدورات مقابل 20% فقط للنظرية، كما تمتد الدورات إلى 35 ساعة تدريبية مكثفة خلال خمسة أيام، وهو معدل يتجاوز عدداً من المقررات الأكاديمية.

تعتمد جامعة قطر على مزيج من النظرية والتطبيق، فبلغت نسبة الأهداف التطبيقية في مقرراتها 37.5%، بينما وصلت المخرجات التطبيقية إلى 77.27%. يؤكد الدكتور "محمد الأمين موسى"، أستاذ الصحافة الإلكترونية، أنَّ الجامعة تسعى لتحقيق توازن بين الجوانب الفكرية والعملية، وفقاً لمعايير الاعتماد الأكاديمي الدولي، مع التركيز على الكتابة التقليدية والرقمية لمواكبة التحولات الإعلامية المعاصرة.

في الختام

يعد تدريب مقدمي البرامج حجر الأساس لنجاح البرامج الحوارية في عصر الإعلام الرقمي، فمن خلال تطوير مهاراتهم في التفاعل وإدارة الحوارات ومواكبة التقنيات الحديثة، يمكنهم تعزيز حضورهم والتكيف مع تطلعات الجمهور المتغيرة، مما يضمن لهم تأثيراً أوسع واستمرارية في المشهد الإعلامي.

المصادر

دعنا نساعدك

دعنا نساعدك

حقق أهدافك واحصل على الدعم الذي تحتاجه، تواصل معنا وابدا رحلة التغيير التي تريدها.
تواصل معنا الآن

آخر المدونات

كيف يعزز الكوتشينغ أداء مقدمي البرامج الحوارية؟ دراسة تأثير التدريب على لغة الجسد والصوت

يشهد المجال الإعلامي تغييرات جذرية تتطلب جهوداً مضاعفة لتحقيق التميز وإظهار الاحترافية، خاصة في ظل المنافسة الشديدة. لذلك، أصبحت الحاجة للكوتشينغ الإعلامي أكبر من أي اقرأ المزيد

ما هو أسلوب قيادة الكوتشينغ؟

تتزايد صعوبة القيادة يوماً بعد يوم؛ ممَّا يؤدي إلى ظهور مجموعة متنوعة من أساليب وطرائق القيادة المتطورة. تقليدياً؛ اعتمد القادة الذين يتبعون أسلوب الإدارة التبادلية اقرأ المزيد

الكوتشينغ المهني: سر تطوير المهارات وبناء المسار الوظيفي

هل تساءلت يوماً كيف يمكن أن يكون الكوتشينغ المهني أساساً لتحسين مهاراتك وتحقيق طموحاتك المهنية؟ في عالم مليء بالفرص والتحديات، أصبح الكوتشينغ أداة قوية تساعد اقرأ المزيد

اشترك الآن واحصل على آخر المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت قد مضى.