يتميز بعضهم بصفات قيادية تجعلهم مؤهلين لاستلام المناصب الإدارية، وبعضهم الآخر على الرغم من امتلاكه الخبرات والشهادات الأكاديمية، إلاَّ أنَّه يعجز عن التواصل مع الموظفين وبناء بيئة عمل تعاونية قادرة على تحقيق الأهداف المؤسسية. حتى الصنف الأول قد يصعب عليه إدارة الفِرَق في ظل تغيرات ظروف العمل، وهنا تكمن الحاجة للكوتشينغ التنفيذي.

لقد أثبتت التجارب وجود رابط بين الكوتشينغ التنفيذي والمتابعة الإدارية التي تُعد أساس نجاح المؤسسات، ولتَعرف أكثر عن دوره في تنمية القادة تابع القراءة.

الكوتشينغ التنفيذي: أداة استراتيجية لدعم الإدارة الفعالة

الكوتشينغ التنفيذي هو علاقة تفاعلية تجمع بين المدرب والمديرين التنفيذيين أو قادة الشركات أو الموظفين ذوي القدرات العالية. تهدف هذه العلاقة بصورة أساسية لبناء إدارة فعالة، وتُعد إلى جانب المتابعة الإدارية حجر الأساس الذي يُبنى عليه نجاح أغلب الشركات في يومنا الحالي. لذلك، أصبح التدريب التنفيذي استثماراً في تنمية القادة، بهدف تحقيق النمو المؤسسي المستدام.

وتتجلّى مساهمة الكوتشينغ في تحسين المتابعة الإدارية فيما يلي:

1. تنمية القيادة

يركز الكوتشينغ التنفيذي بصورة أساسية على تنمية مهارات القيادة لدى الفرد، والتي تضمن قدرة المدير التنفيذي أو القائد على تحمل مسؤولية ما يحدث في الشركة، وضمن الفريق الخاص به؛ ليتمكن من اتخاذ القرارات المناسبة في كل وقت.

2. تعزيز الوعي الذاتي

يعمل الكوتشينغ على تعريف الفرد بما يمتلكه من نقاط قوة ونقاط ضعف، وما يسعى إليه من أهداف مهنية ليتمكن من وضع الخطط المناسبة لها، ويحدد ما يلزمه من موارد لتحقيقها، والتحديات التي قد تواجه عمله. فيتمكن بذلك من تحديد ما يلزمه للإدارة من مهارات وحكمة ومرونة؛ مما يؤدي إلى تطوير هذا القائد، ويجعل الشركة قادرة على تحديد الفرص الجيدة و الاستعداد لتحمل المخاطر.

3. تعزيز التواصل الفعال

يساعد الكوتشينغ المدير على بناء علاقات فعالة مع فريق العمل من أجل بناء الثقة بينهم، كما يُمكنه من توجيههم وتطوير مهاراتهم وتحفيزهم على المشاركة في التفكير الإبداعي، مما يعزز ولائهم للشركة أيضاً.

تأثير المتابعة الإدارية على تحقيق الأهداف المؤسسية

تضمن الشركة نجاح الخطط بتبني الكوتشينغ التنفيذي والمتابعة الإدارية، وذلك من خلال تحليل الأداء ومراقبته بواسطة الأدوات التي يقدمها الكوتشينغ للقادة كما يلي:

1. فهم أساليب القيادة

يعرّف الكوتشينغ القائد بأساليب إدارة فِرَق العمل ليساعده على اختيار طريقة القيادة بفعالية أكثر، ويكون الاختيار مبنياً على التجربة.

2. تعزيز النظرة الإيجابية

تساهم هذه النظرة في تعزيز التفاؤل، مما يمنح القائد والفريق إيماناً قوياً بقدرتهم على تحقيق أهداف المؤسسة. يساعد هذا الإيمان الفريق على تحمل الضغوطات ومواجهة التحديات بثقة عالية دون الحاجة إلى مراقبة القائد المستمرة، لأنّ كل فرد يمتلك الدافع للعمل بجد.

3. الاعتماد على أسلوب المساءلة

وهو أسلوب يقوم الكوتشينغ بتعليمه للقادة، حيث يركز على تحديد الأهداف وتعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه الأفعال والأقوال، بعيداً عن العقاب وإلقاء اللوم على فريق العمل. يهدف هذا النهج إلى نقل هذا الشعور إلى الموظفين، مما يدفع كل فرد منهم لتحمل المسؤولية وبذل الجهد في أداء واجباته ومهامه في الوقت المناسب وباحترافية عالية.

4. تعزيز مشاركة فريق العمل

يحسّن الكوتشينغ انسجام المديرين والقادة مع فِرَق عملهم؛ ويشجعهم للتعاون في وضع الأهداف، بحيث تضمن تلك الأهداف تحقيق ما يتطلع إليه الموظف والشركة معاً. هذه النقطة هامّة وتُشعر الموظفين بالتقدير، مما يزيد من تحفيزهم للالتزام بالخطة، وتُمكن المدير من متابعة أداء كل موظف من خلال أهدافه الفردية، وضمان توافقها مع الأهداف العامة للشركة.

الإحصاءات: دور المتابعة الدقيقة في نجاح الخطط

لجأت العديد من الشركات إلى الكوتشينغ التنفيذي والمتابعة الإدارية، وحققت نجاحات هامة، منها:

1. شركة كوكا كولا العالمية

أدركت الشركة أنَّ موظفيها هم أساس تحقيق الأهداف؛ لذلك لجأت إلى الكوتشينغ التنفيذي، وأكَّدت على أنَّ تبنّيها للتدريب أدى إلى تعزيز القدرات القيادية والثقافة التنظيمية، والقدرة على التكيف؛ مما حقق نجاحات عظيمة.

2. شركات فورتشن 500

استعانت بالكوتشينغ التنفيذي، وأكَّدت على أنَّ العائدات تصل إلى ستة أضعاف تكاليف التدريب. وقد صرَّحت كلوي أوسترايش التي أمضت وقتاً طويلاً في تمكين المديرين التنفيذيين في الشركة، أنَّها ساعدت القادة على اكتساب نظرة جديدة وكسر القيود.

3. شركة غالوب

أشارت إلى أنَّ الموظفين ممَن أجروا حوارات مع المديرين خلال جلسات الكوتشينغ حول نقاط قوتهم وأهدافهم، كان اندماجهم أكبر بنسبة5 مرة من غيرهم.

أدوات الكوتشينغ التنفيذي لتحسين المتابعة الإدارية

الكوتشينغ التنفيذي والمتابعة الإدارية ضرورية ليتمكن القائد من توزيع المسؤوليات وتحليل الأداء وتحسينه، بحيث يضمن تطور الشركة وذلك بالاعتماد على التالي:

1. تحديد خطة العمل

يساعد الكوتشينغ القائد على تحديد الخطة بعد تحديده للأهداف. كما ذكرنا سابقاً، يتم تحويل الهدف إلى مجموعة من الخطوات المتتابعة، لكلّ منها موعد نهائي وأدوات متعددة لتنفيذه، وقياس تقدمه، بالإضافة إلى أنَّ الكوتشينغ يُمكنه مساعدة فريق العمل؛ ليجد كل منهم الهدف الأساسي لمنصبه والأهداف المشتركة بينه وبين الشركة.

2. توزيع المسؤوليات

يؤدي الكوتشينغ دوراً هاماً في توزيع المهام والمسؤوليات بالصورة المناسبة؛ حيث يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف لكل فرد في الفريق. وبذلك، يتم توظيف نقاط القوة في المكان الصحيح، مما يُمكّن الموظفين من إطلاق إمكانياتهم الخاصة. ونتيجة لذلك، تقل التحديات التي تواجههم أثناء العمل، مما يعزز التزامهم بخطة العمل.

3. حل المشكلات

يعتمد الكوتشينغ على نموذج "GROW"، الذي يمثل الهدف، والخيارات المتاحة، والواقع، بالإضافة إلى كيفية العمل. يعمل هذا النموذج كدليل يقدمه المدير للفريق أو للموظفين، وفقاً لدور كل منهم، ليُكوِّنوا رؤية واضحة عن الوضع الحالي، مما يساعدهم على فهم كيفية التقدم نحو الأمام.

4. التقييم

يمكن للكوتشينغ التنفيذي أن يطّلع بالتعاون مع المديرين التنفيذيين على نتائج عمل الموظفين. كما ذكرنا، فإنَّ الأهداف قابلة للقياس، مما يضمن أن يتحمل الجميع المسؤولية بالصورة المناسبة. في حال حدوث أي تقصير، يتم تقديم الإرشادات والدعم اللازمين لمساعدة الأفراد على تجاوز المشكلة واستئناف العمل.

5. إدارة الخلافات

تسببت مسؤوليات القيادة في وقوع المديرين في صراعات متعددة، سواء مع زملائهم من المديرين أو مع الموظفين، أو حتى بين الموظفين أنفسهم. وتُعد إدارة هذه الصراعات من مسؤوليات المدير الأساسية.

لذا، يساهم الكوتشينغ في تزويد المدير بالأدوات اللازمة لإدارة هذه التحديات، من خلال تقديم وجهات نظر جديدة وتعليمه كيفية النظر إلى الأمور من زوايا عدة. هذا الفهم يساعده على استيعاب وجهات نظر الآخرين، مما يضمن استمرارية العمل في الشركة ويساعد في تحقيق الأهداف المؤسسية.

قصص نجاح: كيف غيّر الكوتشينغ مسار المؤسسات؟

أثبت الكوتشينغ التنفيذي والمتابعة الإدارية دورهما الهام في تعزيز الإدارة الفعالة من خلال تحسين بيئة العمل، وفيما يلي مجموعة دراسات تُثبت ذلك:

• أجرى الاتحاد الدولي للكوتشينغ (ICF) دراسة على مؤسسات عدة استعانت بالكوتشينغ، وأثبتت النتائج أنَّ 68% منها تمكنت من استعادة قيمة استثماراتها بسبب زيادة الإنتاجية. وفي دراسة أخرى، تبين أنَّ 70% من الموظفين استطاعوا تحقيق أهدافهم من خلال تحسين أدائهم في العمل وتعزيز مهارات التواصل بفضل الكوتشينغ.
• أظهرت دراسة أجرتها شركة ميتريكس غلوبال أنَّ الشركات التي استعانت بالكوتشينغ التنفيذي حققت عائداً على الاستثمار بنسبة تصل إلى 529%.
• أثبتت شركة مانشستر في إحدى دراساتها أنَّ الشركات حققت بفضل الكوتشينغ التنفيذي متوسط عائد استثمار يصل إلى خمسة أضعاف ما استثمرته.
• أثبت معهد رأس المال مع الاتحاد الدولي للكوتشينغ في دراسة، أنَّ 60% ممن استعانوا بالكوتشينغ التنفيذي تحسنَّت القدرة لديهم على الاختيار الصحيح واتخاذ القرار الصائب.

النتائج المستدامة للمتابعة المدعومة بالكوتشينغ

النمو المؤسسي المستدام هو الهدف الحقيقي من الكوتشينغ التنفيذي والمتابعة الإدارية، ويتم ذلك من خلال ما يلي:

1. تعزيز ثقافة النمو المستدام

تحقيق الأهداف المؤسسية الحالية والمستقبلية يجعل التطوير أمراً هاماً، والكوتشينغ التنفيذي يعمل على بناء هذه الثقافة من خلال تحفيز القادة والموظفين على التعلم المستمر، والتطوير الذاتي من خلال المشاركة في الندوات والمؤتمرات، وحضور دورات تدريبية متنوعة لكونها تساعد على الابتكار والتفكير خارج الصندوق؛ مما يمنح الشركة مكانة هامة في سوق العمل.

2. تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل

يساعد الكوتشينغ على تحقيق هذا التوازن الهام من خلال العمل على تطوير استراتيجيات التوتر، وإدارة القلق والمشاعر السلبية التي تتسبب بوصول الموظفين والقادة إلى مرحلة من الإرهاق، تمنعهم من الاستمرار في العمل، بالإضافة إلى تعليمهم تقنيات إدارة الوقت وتحديد الأولويات.

3. الاحتفال بالنجاح

يُعدّ الاحتفال بالنجاح من أهم استراتيجيات تحفيز فرق العمل والقادة على حدٍ سواء. فكلما حقق الفريق إنجازاً، يجب الاحتفال به بطريقة مناسبة. وكذلك، ينبغي للقادة أن يحتفلوا بإنجازاتهم لتحفيز أنفسهم على الاستمرار في العمل والنجاح.

4. تعزيز التفكير الاستراتيجي

وذلك من خلال توجيه القادة إلى النظر في أي مشروع أو خطوة جديدة من زوايا متعددة، مما يساعدهم على تحليل البيانات وتقييم المخاطر بفعالية.

5. بناء فرق عمل مميزة

يعلّم الكوتشينغ القادة كيفية اختيار الأشخاص ذوي الأداء العالي من خلال تقييم نقاط قوتهم وتعزيزها، وكذلك التواصل الفعال معهم لتمكينهم من التعبير عن أفكارهم بحرية، كما يعزز ثقافة التعاون بين أعضاء الفريق، ويسهم في التنظيم والابتكار.

في الختام

يتطلب تحقيق الأهداف المؤسسية والنمو المستدام الاستعانة بالكوتشينغ التنفيذي، نظراً لدوره الهام في تعزيز الإدارة الفعالة. لذلك، أوضحنا في هذا المقال كيف يساهم الكوتشينغ التنفيذي والمتابعة الإدارية في وضع الخطط المناسبة، وتوزيع المسؤوليات، وإدارة الفِرَق بطريقة تضمن تحقيق الأداء العالي. فلا تتردد في الاستعانة بالكوتشينغ التنفيذي لتحقيق أهدافك وأهداف شركتك.

المصادر

• الكوتشينغ التنفيذي لتحسين الأداء: كيف يمكن الحصول على أقصى استفادة من استخدام الكوتشينغ التنفيذي؟
• 25 استراتيجية كوتشينغ لتعزيز الإمكانات القيادية
• دور الكوتشينغ في تحسين أداء الموظفين وتحقيق النجاح التنظيمي
• The Impact of Executive Coaching on Organizational Culture and Employee Engagement | LinkedIn
• Meet The CEO Whisperer, Chloé Oestreich - Forbes Australia