تأثير الكوتشينغ القيادي على تحسين أداء القادة وتعزيز بيئات العمل

blog-details

الكوتشينغ القيادي القرارات الرضا الوظيفي إنتاجية

يعدُّ الموظفون الثروة الأهم في كل شركة، فهُم بعقولهم وأفكارهم يشكِّلون الموارد البشرية، والتي مهما بلغ تطور الآلة والذكاء الاصطناعي لن يستطيع منافستها أو يحل مكانها كلياً، وأبرز ما يواجه بيئات العمل من تحديات هو استخراج الطاقات الكامنة في الموظفين، وتحفيزهم على بذل جهودهم القصوى، وهذا ما استدعى دخول الكوتشينغ مجال العمل لتمكين القادة من أداء هذه المهمة.

سنتعرف في هذا المقال على تأثير الكوتشينغ القيادي في تحقيق الرضى في بيئات العمل والنجاح في المؤسسات وتعزيز الإبداع والابتكار لدى الموظفين، بالإضافة إلى مساعدتهم على إيجاد التوازن بين وظائفهم وحياتهم الشخصية.

كيف يعزز تأثير الكوتشينغ القيادي الرضى في بيئة العمل؟

من خلال إجراء مقارنة بسيطة بين المؤسسات والشركات التي تعتمد الكوتشينغ القيادي في بيئة عملها وأخرى لا تعتمد عليه، نلاحظ فرقاً واضحاً من جهة الرضى في بيئة العمل من قبل الموظفين؛ إذ يعزز الكوتشينغ القيادي الرضى في بيئة العمل من خلال ما يأتي:

1. تطوير العلاقة بين القادة والفرق

يعزز الكوتشينغ القيادي العلاقة بين قائد الفريق وعناصر فريقه، فهو يحرص على تعليم القائد كيفية استخدام اللغة الأمثل في خطاب الفريق، والتي يكون من شأنها مساعدتهم على بذل جهود إضافية وإخراج أفضل ما لديهم، واستبدال مشاعر التهديد والضغط التي قد يسبِّبها العمل بمشاعر تحدي لأنفسهم تساعدهم على بذل طاقاتهم القصوى بوصفها موارد بشرية.

يبرز تأثير الكوتشينغ في تحسين أداء القادة من خلال كونه يركز على تعليمهم مهارات التواصل والذكاء العاطفي، والتي من شأنها أن تتيح لهم فهم مشاعر موظفيهم والتعاطف معهم وتحسين طرائق التواصل بينهم؛ إذ لا يوجد طريقة معيارية فعالة في الحوار تنفع مع الجميع. يتواصل القادة من خلال تأثير الكوتشينغ القيادي مع كل موظف بطريقة فعالة تعزِّز إنتاجيته وترفع رضاه عن بيئة العمل، فيشعر بأنَّه محترم ومقدَّر، ما يخلق لديه ولاء للشركة وبيئة العمل.

يبرز دور الكوتشينغ في تحسين أداء القادة كونه يتيح لهم خلق بيئة عمل قائمة على الاحترام المتبادل والثقة بين القائد والموظف، فيشعر الموظف أنَّ قائد الفريق أكثر تعاوناً معه في سبيل إخراج العمل بأفضل صورة ممكنة، بدل أن يشعر بأنَّه يلاحقه ليتصيَّد أخطاءه كما هو الحال في بيئات العمل السامة. لا يخجل الموظف من خلال الأريحية الممزوجة بالاحترام من مشاركة أفكاره والتعبير عن التحديات التي يواجهها، فهو يدرك أنَّ القائد معني مثله بإيجاد الحلول لهذه العقبات وحلها من أجل إضافة المزيد من الهدوء والرضى إلى بيئة العمل.

2. زيادة رضى الفرق

من النقاط التي تبرز تأثير الكوتشينغ القيادي الإيجابي هي زيادة رضى الفرق التي يقع على عاتقها مهمَّة القيام بالعمل، فعندما يُتعامَل مع الموظف باحترام في لغة الخطاب، وتُقدَّر جهوده التي يبذلها في بيئة العمل فسيشعر بالرضى، ممَّا يدفعه إلى بذل المزيد من الجهود والتفاني في أداء المهام.

في دراسة أجرتها إحدى شركات فورتشن 500، أفاد أكثر من 77٪ من المشاركين أنَّ الكوتشينغ كان له تأثير كبير في رفع رضى الموظفين وتحسين اندماجهم وجودة المهام التي يقومون بها.

الكوتشينغ القيادي

أمثلة عملية عن تأثير الكوتشينغ القيادي في النجاح المؤسسي

فيما يأتي بعض الأمثلة على تأثير الكوتشينغ القيادي في نجاح المؤسسات، ودوره الفعال في تحسين الإنتاجية في بيئات العمل:

قصة نجاح شركة ناشئة

توجد الكثير من القصص والدراسات والإحصاءات التي تُظهر استفادة الشركات الناشئة من إدخال مفاهيم الكوتشينغ في بيئة العمل الخاصة بها، ومن خلال هذه الدراسة التي سنوردها الآن، سنبرز لكم دور الكوتشينغ في تحسين أداء القادة وتحقيق النجاح لشركاتهم. أجرى الاتحاد الدولي للكوتشينغ (ICF) دراسة شملت عدداً من الشركات تبيَّن من خلالها أنَّ 86٪ من الشركات استرجعت استثماراتها بفضل الكوتشينغ، وأنَّ 19٪ من هذه الشركات حقَّقت عائدات إضافية تزيد نسبتها عن 50٪.

تحسين مهارات اتخاذ القرار

يبرز تأثير الكوتشينغ القيادي أيضاً من خلال قدرته على تحسين مهارات اتخاذ القرار، فهو يعزز التفكير الاستراتيجي، وبالتالي فإنَّه يمنح القائد بُعد نظر عبر تمكينه من إحصاء المعلومات وتحديدها وتحديد الوقت اللازم لتحقيق الهدف وإدارة الوقت والجهد وتقسيمهما إلى مراحل أصغر يكون تكاملها نتيجة للعمل والهدف الكلي، وهذا ما ينعكس بدوره على الإنتاجية في الشركة وفاعلية قراراتها وجودتها.

تعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية

يقضي الموظفون في بيئات العمل أوقاتاً طويلة قد تكون أطول من المدة التي يقضونها مع أسرهم وشركائهم، وهنا يبرز دور الكوتشينغ القيادي في تحقيق الفصل والتوازن بين حياتهم المهنية وحياتهم الشخصية. ويتم ذلك من خلال ما يأتي:

1. تخفيف ضغوطات العمل

عادة ما يترافق العمل الجسدي أو الذهني مع ضغط كبير، خاصة في بعض الفترات التي يكون فيها ضغط العمل في ذروته، وهنا يبرز دور الكوتشينغ في تحسين أداء القادة في مساعدة موظفيهم على إدارة وقتهم في العمل بفعالية وخاصة الأشخاص الذين يقومون بمهامهم عن بُعد، الأمر الذي يساعدهم على تنظيم أوقاتهم بين العمل والراحة والتفرغ للحياة الشخصية.

وسوف ينعكس هذا التنظيم على إنتاجية الموظف في عمله وتركيزه في أمور حياته، فلا يطغى أي منهما على الآخر، وينعكس ذلك على جودة حياتهم النفسية منها والجسدية، فهم لن يشعروا بالتقصير وما سوف يترتب على هذه المشاعر من تراجع في الأداء أو عدم التركيز في العمل.

2. زيادة الإنتاجية الشخصية

يعدُّ النمو والتطور في بيئة العمل أحد أهم النقاط التي يطمح إليها الموظفون، ويبذلون جهوداً كبيراً في سبيل تحقيقها، إلَّا أنَّ الالتزامات في الحياة الشخصية للموظف، وللقائد أيضاً، غالباً ما تكون بمنزلة مكابح لعملية التطور هذه والتي تصب بالتأكيد في صالح بيئة العمل وتطورها. يبرز تأثير الكوتشينغ القيادي عن طريق توضيح الطريقة التي يجب فيها ترتيب أولويات الفرد، وتمييز الهام عن الأهم، وفصل الواجبات وفق استعجالها وأهميتها ودرجة الضرورة الخاصة بها، الأمر الذي تكون نتائجه الإيجابية على الصعيدين المهني والشخصي، ولا ننسى الجانب النفسي الذي يقل فيه الإرهاق والتوتر ويزيد من منسوب سعادة الفرد.

الكوتشينغ القيادي

أثر بناء الثقة في القيادة الفعالة

تحدَّثنا عن تأثير الكوتشينغ القيادي في بثِّ جوٍّ من الاحترام المتبادل والثقة بين قائد الفريق وأعضاء فريق العمل، لِنرى الآن كيف تؤثر هذه الثقة في بيئة العمل:

1. تحقيق الالتزام

يزيد بناء ثقة متبادلة بين القائد والفرق من التزام الموظف بأداء عمله بأدق صورة ممكنة وأحسن صيغة، فيشعر الموظف بالمسؤولية تجاه مهامه؛ لأنَّ الكوتشينغ القيادي يخلق ويُعزز دافعه الداخلي لإتمام المهمة بعيداً عن أية رقابة خارجية مهما كان مصدرها، كونه يضع نصب عينيه مهمة إنجاح الفريق الذي يتعاون وتتكامل جهوده على جميع المستويات لإنهاء المهمة على أكمل وجه. يجب الإشارة إلى أهمية إتقان كل موظف لمهمَّته التي سوف تبنى عليها مهمَّة الموظف التالي في فريق العمل، فبناء الموظف لمهمته على مهمة متقنة بناها الموظف السابق ينعكس إيجاباً على الأداء الجماعي والحصيلة النهائية للعمل.

2. تعزيز بيئة العمل الإيجابية

يشيع شعور الموظف بالاحترام والثقة وتعامله بمهنية مع قائد الفريق والزملاء في الفريق وسيادة جوٍّ من التعاون في بيئة العمل جواً من الإيجابية، ويقلِّل الصراعات بين الموظفين، فكلُّ موظف يكون مهتماً بأداء مهمته بصورة جيدة تلاقي التقدير من قبل قائد فريقه وزملائه. في ظل هذا الجو المتعاون والإيجابي، لن يتردد أعضاء فريق العمل في تقديم أفكارهم الإبداعية التي تحسِّن رضاهم عن ذواتهم وتزيد الإنتاجية وتحسِّن بيئة العمل.

دوره في تعزيز الابتكار والمرونة

تسود البيروقراطية في بيئات العمل التقليدية البيروقراطية التي تستنزف موارد الشركة المادية والبشرية، وهنا تأثير الكوتشينغ القيادي في تعزيز المرونة والابتكار في بيئة العمل، وذلك من خلال ما يأتي:

1. تحفيز التفكير الإبداعي

يساعد تحفيز التفكير الإبداعي من خلال الكوتشينغ الموظفين على التفكير خارج الصندوق وإيجاد حلول مبتكرة للمشكلات التي تواجه الموظفين في بيئة العمل، والمشكلات التي تعرقل تنفيذ خطة العمل التي يتعاون الفريق على إنجازها، بما أنَّ جوَّاً من التحفيز والثقة والتعاون يسود بين الموظفين، بالتالي فإنَّهم لن يتوانوا في مساندة اقتراح الزميل الإبداعي ومحاولة تطويره أو مناقشته من أجل أن يخرج بأفضل صورة ممكنة.

2. تعزيز المرونة

يزيد تحفيز التفكير الإبداعي من خلال الكوتشينغ مرونة الموظفين وبيئة العمل لتقبُّل التغيرات التي تطرأ أحياناً، وبالتالي فإنَّ أي تغيير يحدث لن يؤدي إلى خلل في قيام الموظفين بأدائهم؛ بل سوف يكون دافعاً لخروج أفكار مبهرة ومميَّزة تساهم في التأقلم مع التغيير وتجاوز المطب المفاجئ الذي طرأ على بيئة العمل، كما أنَّ التفكير الإبداعي والمرونة عنصران كفيلان بأن تواجه الشركات الأزمات بكفاءة عالية من خلال كوادرها التي يجعلها الكوتشينغ على مستوى عالٍ من المرونة والإبداع.

في الختام

ندرك من خلال ما تَقدَّم أعلاه عن تأثير الكوتشينغ القيادي أهمية هذا المنحى في إشاعة جوٍّ من المرونة والثقة والاحترام والإبداع في بيئة العمل، ونعي ضرورة الكوتشينغ القيادي في مساعدة الموظفين على تحقيق التوازن بين جميع جوانب حياتهم، ممَّا يعني زيادة الرضى وبالتالي إنتاجية أكبر.

المصادر

دعنا نساعدك

دعنا نساعدك

حقق أهدافك واحصل على الدعم الذي تحتاجه، تواصل معنا وابدا رحلة التغيير التي تريدها.
تواصل معنا الآن

آخر المدونات

تطوير القيادة عن طريق الكوتشينغ: مفتاح نجاح القادة

كل شخص - بصرف النظر عن مستوى نجاحه - يحتاج إلى مَن يُرشده ويساعده على تحسين أدائه، فوجود "كوتش" يراقب عملك، ويقدم نصائح صادقة أصبح اقرأ المزيد

كيفية السيطرة على المتدربين الصعبين من خلال الكوتشينغ

مهما بلغت خبرة المدرب، لا بدّ أن يواجه في قاعة التدريب ذلك النوع من المتدربين الصعبين الذين يشكلون تحدٍّ حقيقياً. فقد يكونون مقاومين، أو غير اقرأ المزيد

دور الكوتشينغ التنفيذي في تحسين الأداء وقيادة الفِرَق باحترافية

لم يَعُد النجاح في عالم الأعمال مرهوناً بالخبرة الفنية فقط، بل أصبح يعتمد بصورة أساسية على مهارات القيادة، والقدرة على التكيف مع التحديات، واتخاذ قرارات اقرأ المزيد

اشترك الآن واحصل على آخر المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت قد مضى.