كيفية السيطرة على المتدربين الصعبين من خلال الكوتشينغ
الكوتشينغ كوتشينغ التدريب التغلب على التحديات
مهما بلغت خبرة المدرب، لا بدّ أن يواجه في قاعة التدريب ذلك النوع من المتدربين الصعبين الذين يشكلون تحدٍّ حقيقياً. فقد يكونون مقاومين، أو غير مبالين، أو مشاكسين، أو حتى ناقدين باستمرار. لكن هل يُمثّلون عقبة فعلية، أم أنهم فرصة لإبراز مهاراتك وإثبات جدارتك كمدرب محترف؟
يعدُّ التعامل مع المتدربين الصعبين فنَّاً يتطلب ذكاءً عاطفياً، واستراتيجيات فعَّالة، ونهجاً مرناً يستند إلى الفهم العميق لدوافعهم وسلوكاتهم. فأحياناً تنبع تصرفاتهم من منابع خفية تتعلق بالثقة بالنفس، أو بالحواجز النفسية، أو حتى بتجربة سابقة غير ناجحة في بيئات تدريبية أخرى.
وهنا تحديداً يصبح تطبيق أساليب الكوتشينغ أداة قوية لفتح قنوات التواصل، وبناء علاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل، والوصول إلى جوهر مشكلاتهم، وتحفيزهم على المشاركة الفعَّالة، وتحويلهم إلى متدربين نشطين ومندمجين.
كيف يُحسِّن الكوتشينغ التعامل مع المتدربين الصعبين؟
يواجه عدد من المتدربين صعوبات تؤثر في أدائهم خلال فترة التدريب، ويواجه قرابة 6-9% منهم مشكلات في الأداء بدرجات متفاوتة، ويواجه 3-5% منهم صعوبة في إتمام تدريبهم، فيحتاجون إلى وقت إضافي أو تمديد فترة التدريب بسبب صعوبات مختلفة. لتجاوز تلك الصعوبات أو مواجهتا، يلجأ الكوتشينغ لأساليب مختلفة تحسِّن التعامل مع هؤلاء المتدربين الصعبين.
أهمية بناء علاقة قوية مع المتدربين الصعبين
يعدًُّ بناء علاقة قوية مع المتدربين الصعبين أساس النجاح في التعامل معهم، وتحقيق نتائج إيجابية، فعندما يشعر المتدرِّب بأنَّه محلُّ اهتمام وتقدير من قِبَل المدرِّب، يصبح أكثر استعداداً للتفاعل بإيجابية، حتى وإن كانت لديه سلوكات صعبة في البداية.
ويعتمد الكوتشينغ، لبناء هذه العلاقة، على استراتيجيات بناء الثقة بين المدرب والمتدرب، فيشعر الأخير بالراحة والتقدير ويصبح أكثر استعداداً لتقبُّل الملاحظات والتوجيهات الإيجابية، وأكثر انفتاحاً لتطوير نفسه. يستمع الكوتش لمشكلات المتدرب، ويحدِّد سلوكاته الصعبة، ويكشف الأسباب الحقيقية وراءها، ومن ثمَّ يختار تقنيات التدريب للتعامل معها بحذر.
كما يجب أن يكون الكوتش مرناً في استجابته لاحتياجات كل متدرب على حِدة لبناء علاقة ناجحة، بالإضافة إلى أنَّ أدوات الكوتشينغ الفعالة تمنحه القدرة على تعديل أسلوبه ليواكب طرائق التعلم المختلفة لكل شخص، فيوجِّه قدرة المتدرب لِتحقيق أهدافه الشخصية والمهنية وزيادة فرص النجاح.
إدارة الكوتشينغ للسلوكات الصعبة
يستخدم الكوتشز والمحاضرون تقنيات التدريب التي يقدِّمها كوتشينغ التدريب لإدارة السلوكات الصعبة لدى المتدربين، فيتعرَّف الكوتش على الأسباب الجذرية لهذه السلوكات، سواء كانت نفسية، أم اجتماعية، أم مرتبطة بالثقة بالنفس من خلال الحوار المفتوح، كما يوجِّهه تجاه التفكير الذاتي باستخدام أسئلة موجَّهة وتقنيات تحفيزية تعزز الوعي الذاتي وتقيِّم سلوكاته وتأثيرها في ذاته وفي الفريق.
ولا يقتصر الكوتشينغ على النصائح فقط؛ بل يوفر أيضاً موارد وأدوات تساعد المتدرب على التعامل مع تحدياته باستقلالية، مثل التحكم في الانفعالات أو تحسين مهارات التواصل، كما يضع أهدافاً واقعية وقابلة للتحقيق ويحوِّل سلوكات المتدرب السلبية إلى فرص نجاح.
من استراتيجيات إدارة سلوكات المتدربين أيضاً تقديم التغذية الراجعة تقديماً بنَّاءً ومحدَّداً، فهي تركز على السلوك وليس على الشخصية فتحسِّن بذلك السلوكات تدريجياً دون إحباط. ولا يتوقف الكوتشينغ عند حدٍّ معيَّن؛ بل يتبع نهجاً مستمراً في التقييم والتحفيز مع المتدربين الصعبين، وهذا يعني مساعدتهم على تحديد النقاط التي يمكن تحسينها دورياً، وبالتالي تطوير مهاراتهم على الأمد الطويل.
استراتيجيات بناء الثقة مع المتدربين الصعبين
تؤكد الدراسات والإحصائيات أنَّ الثقة تؤدي دوراً حاسماً في تعزيز الأداء الإداري وزيادة الإنتاجية. وفقاً لدراسة أجرتها PwC، يرى 55% من الرؤساء التنفيذيين أنَّ نقص الثقة يمثِّل تهديداً لنمو مؤسساتهم، أمَّا في بيئات العمل عالية الثقة، فقد وجدت Harvard Business Review أنَّ التوتر يقل بنسبة 74%، وتزداد الطاقة في العمل بنسبة 106%، وترتفع الإنتاجية بنسبة 50%، بينما تقل الإجازات المرضية بنسبة 13%، وتتحسن المشاركة الوظيفية بنسبة 76%، ممَّا يؤدي إلى رضا وظيفي أعلى بنسبة 29%. ويدلُّ انخفاض هذه الأرقام على أنَّ بناء الثقة ليس مجرد قيمة معنوية؛ بل هو استثمار مباشر في نجاح المؤسسات واستدامتها.
يشكِّل بناء الثقة والتعامل مع المتدربين الصعبين تحدياً كبيراً، ولكن مع تطبيق أساليب الكوتشينغ يمكن تجاوز الحواجز النفسية وتعزيز التواصل الإيجابي وبناء علاقات قائمة على الثقة حتى مع الأفراد الذين يظهرون مقاومة عالية. إليك بعض التفاصيل في هذا السياق:
1. الثقة أساس العلاقة التدريبية
الثقة هي حجر الأساس لتحسين أداء المتدربين، فهي تخلق بيئة آمنة تشجع المتدربين على التعبير عن مخاوفهم وتحدياتهم دون خوف من النقد أو التقليل من شأنهم. كما أنَّ الكوتش الذي يركِّز على استراتيجيات بناء الثقة ويستخدم أدوات الكوتشينغ الفعَّالة، يكون أكثر قدرة على إدارة سلوكات المتدربين وتحفيزهم لتحقيق أهدافهم.
تكسرُ الثقةُ في حالات التعامل مع المتدربين الصعبين الحواجزَ وتبني جسوراً للتواصل الفعَّال. ويساعد المدرب على توجيه المتدربين وتحسين أدائهم، فيُعزز من خلال الشفافية، والاستماع النشط، والتغذية الراجعة البنَّاءة، الثقة المتبادلة ويؤدي إلى نجاح التدريب وتحقيق نتائج ملموسة على المستوى الفردي والمؤسسي.
2. التواصل الفعَّال
يُحسِّن الكوتشينغ أساليب التواصل، فيركِّز المدربون على الاستماع النشط ويُقدِّمون التغذية الراجعة البنَّاءة التي تتجنب أساليب النقد السلبي أو اللوم، وتُعزز من وضوح الرسائل وتصحيح المسارات والتوقعات والمفاهيم وتحسين أداء المتدربين وتمنحهم الثقة في التواصل، فهي تحدِّد الأهداف بوضوح، فتكون هناك رؤية مشتركة تقلِّل من أي لبس أو تعارض بين المدرب والمتدرب.
كما يُشجِّع الكوتشينغ المتدربين على التفكير النقدي من خلال الأسئلة الفعَّالة التي تحفِّزهم على اكتشاف الحلول بأنفسهم، بدلاً من الغرق في المشكلات أو العوائق، فالمدربون والمحاضرون أيضاً يتكيفون مع أساليب التواصل الأنسب لكل متدرب، ما يسهِّل فهم الرسائل ويُقلِّل من حدوث أي سوء فهم، فالكوتششينغ يعتمد على الشفافية والصدق ويعتبرهما أساس العلاقة التدريبية.
3. الاستماع النشط
يُشجَّع المدربون والمحاضرون على ممارسة الاستماع النشط كأداة فعالة في إدارة سلوك المتدربين وتعزيز التواصل. فعندما يُظهر المدرب اهتماماً حقيقياً بما يقوله المتدرب ويستمع إليه بانتباه، يشعر الأخير بمزيد من الراحة والثقة في مشاركة أفكاره ومخاوفه.
قد ينشأ سوء تفاهم إذا فرض المدرب أفكاره أو قلَّل من شأن وجهات نظر المتدرب، لذا يتطلب الاستماع النشط حضوراً ذهنياً وعاطفياً لالتقاط التفاصيل الدقيقة في حديث المتدرب. كما يمكّن المدرب من طرح أسئلة تُحفّز التفكير وتساعد المتدرب على التعبير عن احتياجاته وأهدافه بوضوح. بهذا، تتعزز الثقة بين الطرفين، ويشعر المتدرب بأن رأيه محل اهتمام واحترام.
4. تقنيات بناء الثقة
أجرت(Jowett et. al (2017 دراسة على 399 رياضي فرنسي لاستكشاف تأثير العلاقة بين المدرب والمتدرب الرياضي في النجاح، فوجدت الدراسة أنَّ بناء الثقة بين المدرب والمتدرب كان عاملاً حاسماً في تحسين الأداء الرياضي، والمدربون الذين أظهروا سلوكات تعزز الثقة، مثل الاستماع الجيد والاحترام المتبادل، كان علاقاتهم أقوى مع الرياضيين وحققوا نتائج أفضل.
وأظهرت الدراسة أيضاً أنَّ تقنيات الكوتشينغ التي تبني الثقة، تحسِّن التفاعل بين المدرب والمتدرب وتؤدي إلى نتائج تدريبية أكثر نجاحاً، ومن هذه التقنيات نذكر:
1.4. الاستماع النشط
الاستماع بانتباه واهتمام لما يقوله المتدرب.
2.4. التواصل الواضح والمفتوح
تشجيع الحوار الصريح والمباشر مع المتدرب.
3.4. الاحترام المتبادل
إظهار الاحترام لآراء المتدربين وأفكارهم من خلال عدم الحكم المسبق أو التقليل من شأنهم.
4.4. المرونة في الأساليب
تكييف الأساليب التدريبية لتناسب احتياجات المتدرب.
5.4. الاعتراف بالإنجازات
تقديم الملاحظات الإيجابية و الاعتراف بالإنجازات الصغيرة التي يحققونها.
6.4. الاستفسار المفتوح
استخدام أسئلة تفتح المجال للتفكير النقدي وتعزز قدرة المتدرب على التعبير عن مشاعره وأفكاره بحرية.
7.4. الاستمرارية في المتابعة
تقديم المتابعة المستمرة والدعم المستمر للمتدرب.
كيف يساعد الكوتشينغ على إدارة سلوكات المتدربين الصعبة؟
يعدُّ تطبيق أساليب الكوتشينغ هاماً في إدارة سلوكات المتدربين الصعبة من خلال مجموعة من الاستراتيجيات المدروسة التي تساعد على فهم السلوكات، وتعديلها، والتعامل مع التحديات المرتبطة بها، فأول خطوة هي التعرف على أنماط السلوك الصعب التي قد تظهر، ثمَّ اختيار الطريقة المناسبة للتعامل معها، سواء كان ذلك بتعديلها أم بالحدِّ منها. الأهم من ذلك هو تعزيز المرونة الذهنية لدى المتدربين، حتى يكونوا أكثر تقبُّلاً للتغييرات القادمة ويستفيدوا من عملية التعلم:
التعرف على أنواع السلوكات الصعبة
للتَّعرُّف على تلك الأنواع الصعبة يجب الالتزام بالخطوات التالية:
1. المقاومة للتغيير
يشعرون بالقلق أو الخوف من المجهول أو عدم الراحة حيال التغييرات التي تطرأ على أسلوب التدريب.
2. التسويف والتأجيل
يُظهِر بعض المتدربين سلوكات تأجيل المهام أو التسويف.
3. السلوكات السلبية
مثل الانتقاد المستمر، والتشكيك في قدرة المدرب أو فعالية التدريب.
4. العناد أو التحدي
مثل رفض الاستماع إلى المدرب أو تجاهل التوجيهات أو التعليمات.
5. الانسحاب أو العزلة
ينسحب من النشاطات التدريبية أو يتجنَّب المشاركة الفعَّالة في الجلسات.
6. السلوكات العدوانية أو التوتر العاطفي
مثل الغضب أو الإحباط.
7. التمركز حول الذات أو الانشغال الشخصي
يركز بعض المتدربين الصعبين على قضاياهم الشخصية أو مشكلاتهم الخاصة.
8. الافتقار إلى الالتزام أو المشاركة
لا يلتزم المتدربون بالنشاطات التدريبية أو لا يشاركون بفاعلية في الجلسات.
9. المشارك غير الواثق
يفتقر هذا المتدرب إلى الثقة بنفسه ولا يشارك أفكاره خوفاً من النقد.
10. القائد المتسلط
يسعى هذا المتدرب إلى التحكم في سير التدريب وتوجيه النقاشات بما يتناسب مع أفكاره الخاصة، ممَّا قد يُعطِّل الأجندة المخطط لها.
11. مبرر الأعذار
يبرر عدم إتمام المهام أو المشاركة في التدريب.
12. المشوش
يشوش الجو التعليمي من خلال التصرفات المزعجة، مثل الحديث الجانبي أو استخدام الأجهزة الإلكترونية.
13. المراقب الصامت
هوالذي لا يشارك في النقاشات.
14. المبالِغ في المشاركة
يسيطر هذا المتدرب على النقاشات ويمنع الآخرين من المشاركة.
15. متعدد المهام
يشتِّت انتباهه عن المواد التعليمية من خلال الانشغال في نشاطات غير متعلقة بالتدريب.
16. الذي يعرف كل شيء
يشعر هذا المتدرب بالثقة المفرطة في معرفته ولا يسمح للمحتوى الجديد بالتأثير فيه أو يرفض الاستماع إلى الآخرين.
17. المتشائم
هو المتدرب الذي يعبِّر عن تشاؤمه من الأفكار الجديدة، ممَّا يضعف الحماس لدى الآخرين ويقلل من تفاعلهم.
استراتيجيات تعديل السلوك
1. التوجيه الإيجابي
لتقديم ملاحظات بنَّاءة ومشجِّعة تعزز من السلوكات الإيجابية وتحفز المتدرب على تكرار هذه السلوكات.
2. استخدام تعزيزات سلوكية
مثل المكافآت أو التعزيزات اللفظية أو المادية أو حتى من خلال منح المتدرب فرصاً لتولي مهام أكبر.
3. التوجيه التفاعلي
تبنِّي أسلوب التوجيه الذي يعتمد على الحوار والنقاش الفعَّال مع المتدرب لفهم دوافع سلوكه ومشاعره.
4. تقنيات الاستماع النشط
الاستماع بعناية لما يقوله المتدرب؛ لذلك يجب على المدرب تعزيز الثقة وإظهار اهتمامه بمشكلات المتدرب.
5. التوجيه بالأسئلة المفتوحة
استخدام أسئلة مفتوحة يساعد المتدرب على التفكير في سلوكه، واكتشاف سبب تصرفاته بهذه الطريقة، وكيفية تعديل سلوكه بنفسه.
6. وضع أهداف واضحة وقابلة للقياس
إنَّ تحديد أهداف قصيرة وطويلة الأمد بوضوح، يجعل المتدرب أكثر تركيزاً ويشعر بالإنجاز عندما يحقق هذه الأهداف.
7. التدريب على المهارات الاجتماعية
مثل مهارات التواصل الفعَّال، وحل النزاعات، والعمل الجماعي.
8. المرونة والتكيف مع التغيير
تعلُّم كيفية التعامل مع التغيير وتطوير المرونة في مواجهة المواقف الجديدة، هو جزء من تعديل السلوك.
9. إدارة المشاعر والضغوطات
يقلل تعليم المتدربين تقنيات للتعامل مع مشاعرهم أو ضغوطاتهم النفسية السلوكات العدوانية أو الانسحابية.
10. القدرة على إعطاء ردود فعل بنَّاءة
تدريب المدرب على كيفية تقديم ردود فعل بنَّاءة ومحفزة للمتدرب، فيشعر المتدرب بالتحفيز والإشادة عندما يسلك سلوكاً إيجابياً، مع تجنُّب التوبيخ أو النقد السلبي المفرط.
11. تعديل البيئة المحيطة
يحسِّن توفير بيئة تدريبية أقل ضغطاً أو أكثر دعماً سلوكات المتدربين الصعبين.
التعامل مع التحديات: مثال على إدارة سلوكات المتدربين الصعبين
يبرز التسويف والتأجيل ضمن السلوكات الصعبة التي قد تعوق تقدُّم المتدرب في التعلم والتطوير؛ لذا من الضروري أن يعتمد المدرب استراتيجيات فعالة تساعده على التغلب عليها. يجب فهم الأسباب الجذرية وراء التسويف، كالخوف من الفشل أو عدم وضوح الأهداف، لتُحدَّد بعدها الأهداف الواضحة والقابلة للقياس وتُقسَّم المهام الكبيرة إلى خطوات صغيرة قابلة للتنفيذ، للتقليل من الشعور بالإرهاق.
ويمكن تحفيز المتدرب بالمكافآت الإيجابية والتشجيع المستمر، مع تطوير خطة زمنية مرنة تساعده على إدارة وقته بفعالية. إنَّ استخدام تقنيات مثل "بومودورو" وتنظيم بيئة العمل لتقليل التشتت يعزز الإنتاجية، كما أنَّ معالجة القلق والخوف من الفشل وبناء الثقة بالنفس يُقلِّلان التأجيل. كما تساعد متابعة التقدم وتحفيز المسؤولية الشخصية المتدرب على تبنِّي عادات عمل أكثر التزاماً، ممَّا يساهم في تطويره وتحقيق أهدافه بكفاءة.
المرونة في التعامل مع التغيير
تساعد أدوات الكوتشينغ الفعالة المتدربين على التكيف مع التغيير من خلال تعزيز المرونة الذهنية، وتقليل مقاومة التغيير، وجعل عملية التعلم أكثر سلاسة؛ لأنه يطوِّر عقلية مرنة تركز على النمو والتعلم المستمر، ويعالج مخاوف المتدربين من التغيير من خلال تقديم الدعم النفسي والتدريبي، كما يبني مهارات التكيف التدريجي من خلال إدخال التغييرات على مراحل صغيرة تجنباً للشعور بالإحباط.
إضافة إلى ذلك، يعزز الكوتشينغ الحافز الداخلي بربط التغييرات بأهداف المتدربين الشخصية والمهنية، وأخيراً يوفر التغذية الراجعة المستمرة واستراتيجيات التأقلم الفعالة، ويجعل التغيير فرصة للنمو والتطور بدلاً من كونه تحدياً يعيق التعلم.
حالة عملية عن السلوكات الصعبة للمتدربين وكيفية علاجها
اشتكى فريق العمل في أحد المشافي من سلوك متدرب اتّسم بالعدائية والتعنّت؛ حيث تعامل بفظاظة مع ممرضة خلال مناقشة سريرية، وصرخ عليها في بيئة عمل مزدحمة، كما رفض التعاون مع الاستشاري عند إحالة أحد المرضى، مما تسبب في تأخير الرعاية.
عند التحقيق، تبيَّن أنَّ للمتدرب خلفية مهنية مختلفة عن زملائه؛ إذ كان يعمل سابقاً كممرض طوارئ لعدة سنوات، ويحمل تصورات سلبية تجاه طاقم التمريض بناءً على تجاربه السابقة. لمعالجة المشكلة، تمّ تطبيق أدوات الكوتشينغ الفعالة لتصحيح سلوكه وفق الخطوات التالية:
- وُجِّه المتدرب إلى ضرورة تبنِّي نهج أكثر احترافية في التواصل والتعامل مع الزملاء.
- سُلِّط الضوء على أهمية العمل الجماعي في بيئة الطوارئ، فانعكَسَ التعاون الفعَّال مع الممرضين والاستشاريين إيجاباً على رعاية المرضى.
- نوقِشَ سوء فهمه واُكِّدَ على أنَّ الأولوية هي تقديم رعاية آمنة وفعالة، وليست فقط تأخير خروج المرضى.
- وُضِعَت خطة لمراقبة أداء المتدرب في بيئة العمل وقُيِّم مدى تحسنه في التواصل والتعاون.
- أُشرِكَ في جلسات تدريبية حول مهارات التواصل وإدارة النزاعات، لضمان تطوير قدرته على التعامل مع زملائه بفعالية.
تقنيات التعامل مع المقاومة في التدريب
تعدّ مقاومة التغيير من التحديات الكبرى التي تواجهها المؤسسات خلال عملية التغيير، وأشارت دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2016، إلى أنَّ قرابة 70% من التغييرات في الشركات تفشل بسبب مقاومة الموظفين.
وأظهَرَت دراسة من McKinsey & Company في هذا السياق أنَّ 60% من التغييرات تواجه مقاومة شديدة من الموظفين، ممَّا يعكس ضرورة تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع هذه المقاومة.
فهم مقاومة التغيير: لماذا يقاوم بعض المتدربين؟
مقاومة التغيير هي استجابة طبيعة للأفراد أو المجموعات تجاه التغييرات التي تحدث في بيئتهم، وقد تظهر بصورة مشاعر أو أفكار أو سلوكيات تمنع أو تؤخر تنفيذ التغييرات، سواء كانت على المستوى الشخصي أم المؤسسي. فالتغيير يمكن أن يكون في أي مجال من مجالات الحياة، سواء كان في طريقة العمل، أم في أساليب الإدارة، أم في التكنولوجيا، أم حتى في القيم الثقافية، وهناك عدة عوامل تؤدي إلى مقاومة التغيير، منها:
1. الخوف من الفشل
القلق من عدم القدرة على مواكبة التغييرات أو الفشل في تنفيذها.
2. الاعتياد على طرائق العمل القديمة
التمسك بالأساليب التقليدية والشعور بعدم الحاجة إلى التغيير.
3. التجارب السابقة السلبية
إذا مرَّ المتدرب بتجارب تدريبية غير ناجحة، فقد يكون أكثر مقاومة للتغيير الجديد.
4. عدم وضوح الفوائد
إذا لم يكن هناك فهم واضح لكيفية تأثير التغيير إيجابياً في المتدرب، فقد يرفضه تلقائياً.
5. ضعف الدافعية الداخلية
يفتقر بعض المتدربين إلى الحافز الشخصي للتطور، ويرون التدريب بوصفه عبئاً إضافياً وليس بوصفه فرصة للتحسين.
6. الاعتقاد بأنَّ التغيير ليس ضرورياً
قد يشعر المتدرب بأنَّه متمكن بما فيه الكفاية، ولا يرى فائدة من اكتساب مهارات جديدة.
7. الراحة في الوضع الحالي
يفضِّل بعض المتدربين البقاء في نطاق راحتهم، بدلاً من مواجهة تحديات جديدة تتطلب جهداً إضافياً.
أساليب التعامل مع المقاومة
1. إعادة صياغة الأهداف
يجب أن تكون الأهداف واضحة وذات صلة مباشرة بالمتدرب، مع توضيح الفوائد العملية التي سيحصل عليها، فيحقِّق ذلك من خلال ربط التدريب بالأهداف الشخصية والمهنية.
2. التحدي الإيجابي
بدلاً من مواجهة المقاومة مباشرة، يستخدم المدرب أسلوب التحدي الإيجابي لتحفيز المتدربين على التفكير بطرائق جديدة، مثل سؤالهم: "ماذا لو جرَّبت هذه الطريقة ورأيت النتائج بنفسك؟"
3. استخدام الأسئلة المرشدة
طرح أسئلة تساعد المتدربين على التأمل الذاتي في مخاوفهم وتحقيق التغيير المطلوب، مثل: "ما الذي يمنعك من تجربة هذا النهج الجديد؟
كيف يحفِّز المدرب المتدرب على المواجهة والتغيير؟
التحفيز هو عنصر أساسي في التغلب على مقاومة التغيير، وخاصة لدى المتدربين الصعبين الذين يواجهون تحديات في التكيف مع التغييرات. يمكن للمدرب استخدام أدوات الكوتشينغ الفعالة لتعزيز الدافع الداخلي لدى المتدرب من خلال مجموعة من الأساليب:
1. تعزيز الشعور بالإنجاز
تقسيم التغيير إلى خطوات صغيرة، والاحتفال بالإنجازات البسيطة لزيادة ثقة المتدرب بنفسه وتحفيزه على الاستمرار.
2. إبراز التأثير الشخصي للتغيير
مساعدة المتدرب على رؤية الفوائد الشخصية والمهنية التي سيجنيها من التغيير.
3. توفير بيئة آمنة للتجربة
يُسمح للمتدربين بتجربة أساليب جديدة دون الخوف من الحكم السلبي.
4. تقديم التغذية الراجعة البنَّاءة
يُركَّز على نقاط قوتهم مع تقديم نصائح واضحة للتحسين، ممَّا يساعدهم على رؤية تطورهم دون الشعور بالإحباط.
كيفية تعديل أسلوب التدريب بناءً على شخصية المتدرب وأسلوبه
لا يوجد نهج واحد يناسب جميع المتدربين؛ لذا يجب على المدرب أن يكون مرناً في أسلوبه، ويعدِّل استراتيجياته بناءً على شخصية المتدرب وطريقته في التعلم. يمكنه أن يقوم بذلك من خلال تحديد أنماط التعلم المختلفة؛ لأنَّ بعض المتدربين يتعلمون من خلال الممارسة، بينما يفضل آخرون التعلم من خلال النقاش أو القراءة، كما يمكنه استخدام طرائق تدريب متنوعة، مثل المزج بين العروض التقديمية، والنشاطات التفاعلية، والتدريب العملي، والنقاشات الجماعية لتعزيز تفاعل المتدربين، والأهم بيينها دائماً هو استماع المدرب إلى مخاوف المتدربين وتعديل التدريب بناءً عليها؛ لأنَّ إظهار التعاطف والقدرة على التكيف، يُكسِبه ثقة المتدربين ويُقلل مقاومتهم.
نروي لكم قصة هيلين، مديرة التعلُّم والتطوير (L&D) في قطاع البيع بالتجزئة، والتي واجهت صعوبة بالغة في تقبُّل التغيير بسبب أسلوبها المهيمن في القيادة. كانت تطمح للترقية إلى منصب تنفيذي، لكنها رُفضت مرتين بسبب سيطرتها المفرطة على التفاصيل وعدم قدرتها على التفويض. أثر هذا النهج سلباً على علاقتها بفريقها وزملائها من الأقسام الأخرى. لكن مع تطبيق أساليب الكوتشينغ، بدأت في تطوير وعيها الذاتي من خلال الاستماع النشط والتعاطف، مما ساعدها على رؤية الأمور من منظور الآخرين، وأدركت أن القيادة الفعالة لا تعني التدخُّل في كل التفاصيل، بل تعتمد على التفويض وبناء الثقة مع الفريق.
بدأت هيلين تمنح الآخرين مساحة لاتخاذ القرارات وتوزيع المهام تدريجياً، مما ساعدها على تجاوز مقاومتها للتغيير. ومع مرور الوقت، كوّنت فهماً أعمق لتأثير سلوكها على من حولها، مما انعكس إيجاباً على أدائها الإداري وعلاقاتها المهنية.
تطوير العلاقة الإيجابية مع المتدربين الصعبين
تشير دراسة إلى أنَّ المدربين الذين يستخدمون تقنيات بناء العلاقة مع المتدربين، يسجلون زيادة بنسبة 40% في تحسين أداء المتدربين، وتعكس هذه الإحصائية أهمية تطوير علاقة قوية وإيجابية مع المتدربين، خاصةً عندما يكونون من نوع المتدربين الصعبين، وإليك طرائق تطوير العلاقة الإيجابية:
1. التفاعل المستمر
يعد التفاعل المستمر من أهم جوانب بناء علاقة إيجابية مع المتدربين الصعبين. من خلال الاستماع الفعَّال، وطرح الأسئلة المفتوحة، والمشاركة الفعَّالة في الحوار، يبني المدرب علاقة قائمة على الثقة والتفاهم، فالتفاعل من أهم استراتيجيات بناء الثقة.
2. الحفاظ على التوازن
يجب أن يحافظ المدرب على توازن بين التحدي والدعم؛ فالتحدي يحفز المتدرب للتطور والنمو، بينما يوفر الدعم الأمان ويشجعه على التجربة والمجازفة والموازنة بين هذين العنصرين، كما يشجعه على العمل تجاه أهدافه دون أن يشعر بالإرهاق أو الفشل؛ بل بالثقة في قدراته.
3. تعزيز التقدير المتبادل
يعزز الكوتشينغ التقدير المتبادل بين المدرب والمتدربين الصعبين من خلال التركيز على القدرات والإمكانات الخاصة بكلٍّ منهم، فالمدرب الذي يُظهر الاحترام ويُقدِّر الجهود والمساهمات الصغيرة يعزز من تقدير المتدرب لنفسه، وعندما يشعر المدرب بأنَّ المتدرب يقدِّر توجيهاته ويسعى للتحسين، يصبح التفاعل بينهما أكثر فاعلية.
4. أدوات الكوتشينغ الفعالة
تعدّ جلسات التغذية الراجعة المنتظمة من الأدوات الفعالة التي يمكن أن تعزز العلاقة بين المدرب والمتدرب، ومن خلال هذه الجلسات، يُقيِّم المدرب تقدُّم المتدرب، ويمنحه ملاحظات بنَّاءة، ويُحدد المجالات التي تحتاج للتحسين.
في الختام
يُوفّر الكوتشينغ أدوات فعّالة للتعامل مع المتدربين الصعبين، مثل تعزيز التفاعل المستمر، والحفاظ على التوازن بين التحدي والدعم، بالإضافة إلى تقنيات بناء الثقة المتبادلة، كما أنَّ استخدام الأدوات الفعالة، مثل جلسات التغذية الراجعة المنتظمة يُحسِّن أداءهم. لذا، من الهام أن يكون لكل متدرب استراتيجيات مخصصة تناسب احتياجاته الفردية كي يحقق نتائج إيجابية. إذا كنت مدرِّباً وترغب في الوصول إلى أفضل النتائج وتحسين أداء المتدربين، طبِّقْ هذه الأساليب والتقنيات في عملك وطوِّرها باستمرار.
المصادر
- 4 استراتيجيات للتعامل مع السلوكيات الصعبة للمتدربين
- Supporting Struggling Trainees with Performance Issues: Lessons from a UK Model - PMC
- Trust In the Workplace: Why It Is Important and How to Build It
- Handling 30 Different Types of Difficult Trainees - A Comprehensive Guide - Trainer Centric
- Managing the ambiguity of the trainee and the trainer - PMC
- Building Trust and Breakthroughs: Addressing Resistance from Coaching Clients
- Tips for Creating a Positive and Productive Relationship with Trainees | Future1st
- Good communication skills are key to successful coaching – Human Kinetics
- Building Resilience: The Role of Coaching in Challenging Times
دعنا نساعدك
دعنا نساعدك
حقق أهدافك واحصل على الدعم الذي تحتاجه، تواصل معنا وابدا رحلة التغيير التي تريدها.
تواصل معنا الآن
آخر المدونات
اشترك في نشرتنا الإخبارية
اكتب بريدك الالكتروني واضغط على زر اشتراك
اشترك الآن واحصل على آخر المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت قد مضى.