يعد التنافس اليوم بين المؤسسات شديداً والتغيرات كثيرة، فلا مكان للخمول أو الإهمال أو العمل العشوائي؛ لأنَّ النجاح والتميز في ظل تلك المنافسة يُبنى على الابتكار والمرونة العالية في مواجهة التحديات، والتخطيط الاستراتيجي المؤسسي، والتعاون داخل بيئات العمل لكي تُطلِق المؤسسات والموظفون العنان وتحقق الأداء التنظيمي المميز ويؤدي الكوتشينغ المهني دوره الهام، فهو العملية التحويلية الهادفة إلى نجاح المؤسسة وموظفيها معاً، وذلك بتطبيق أساليب واستراتيجيات مدروسة لتعزيز الأداء التنظيمي.

الكوتشينغ المهني: أداة لتعزيز الأداء التنظيمي على مستوى المؤسسات

يحسن الكوتشينغ الأداء التنظيمي من خلال تطبيق استراتيجيات الكوتشينغ المؤسسي التي تحلل أداء المؤسسات وتقيِّم وضعها كما يأتي:

1. تحديد نقاط ضعف وقوة المؤسسة لمعرفة المهارات والمزايا التنافسية التي تتمتع بها، واستغلال الفرص الجيدة والجديدة وتقليل المخاطر وتحديد التهديدات المحتملة.
2. تحليل الوضع الحالي للمؤسسة لتحديد معدل رضا العملاء وكفاءة الإنتاج والالتزام بخطط التطوير المهني ومعدل دوران الموظفين وقدراتهم على النمو والابتكار من أجل تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتطوير.
3. تحليل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والسياسية والبيئية وغيرها من العوامل التي تنعكس على المؤسسة سلباً وإيجاباً فتؤثر في قدراتها في العمل ونجاحها.
4. مقارنة المؤسسة مع المؤسسات المنافسة لها في المجال نفسه، وتحديد أفضل المؤسسات والممارسات لتحسين الأداء المؤسسي.

استراتيجيات فعالة لتحسين الأداء التنظيمي في المؤسسات

يؤدي الكوتشينغ المهني دوراً هاماً في تحسين الأداء التنظيمي من خلال طرائق تطوير الأداء في المؤسسات، وهي كما يأتي:

• بناء العلاقة المتينة مع الموظفين لتحديد اهتماماتهم ومعرفة أهدافهم وتقدير واحترام إنجازاتهم ليشعروا بأنَّهم في بيئة آمنة فيطلقوا العنان لقدراتهم.
• فهم أهداف المؤسسة ومساعدتها على وضع أهداف ذكية ومحاولة دمج أهداف الموظفين مع أهداف مؤسستهم لتعزيز الإنتاجية التنظيمية من خلال توضيح الأثر الإيجابي لتحقيقها في حياتهم الشخصية.
• وضع خطط للنمو وتوفير فرص لتدريب الموظفين وتعزيز قدراتهم.
• تقدير مساهمة الموظفين في تطوير المؤسسة ونجاحها وتقديم المكافآت والحوافز لمن يقدِّم أداء متميزاً.
• تحديد العقبات التي تواجه الالتزام بخطط التطوير المهني ووضع حلول وتنفيذها وتقييم النتائج.
• بناء فرق عمل متعاونة ومتماسكة وتحسين التفويض الإداري ومنح الموظفين صلاحيات لاتخاذ قرارات صائبة.
• تقييم أداء الموظفين بواسطة أدوات، مثل تقييم 360 درجة وتحليل SWOT.

تعزيز ثقافة العمل الجماعي من خلال الكوتشينغ

يحتاج تعزيز الأداء التنظيمي الذي يسعى لتحقيقه الكوتشينغ إلى فرق عمل متماسكة ومتعاونة ومنتجة وذلك من خلال ما يأتي:

• تحديد أهداف مشتركة للموظفين، وذلك من خلال جلسات مناقشة مع الكوتشينغ يقدِّم فيها كلٌّ منهم أفكاره ورؤيته المستقبلية ليوحِّدها الكوتشينغ.
• تعزيز مهارات التواصل الفعال بين الموظفين، كالاستماع النشط والتواصل غير اللفظي.
• تعزيز الاحترام والثقة بين أفراد الفريق وبين الفريق والإدارة لجعل بيئة العمل آمنة.
• تطوير تقنيات إدارة النزاعات وحل الخلافات وتحويل الاختلافات لفرص للتطور والنمو.
• تحفيز الموظفين على التعاون داخل بيئات العمل وتبادل الخبرات.

التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الناجح لتحقيق الأهداف

يعزز الكوتشينغ المهني التخطيط الاستراتيجي المؤسسي لدوره في تحقيق الأداء التنظيمي الفعال، وذلك من خلال النقاط التالية:

• يوضح الكوتشينغ الرؤية أمام الشركة ويتأكد من توافق أهدافها مع رؤيتها وقيمها.
• تحليل الفرص الموجودة في سوق العمل وفهم البيئة التنافسية لتحديد التحديات وتحديد المجالات التي يجب تطويرها للاستفادة من الفرص.
• تعزيز الأداء التنظيمي والالتزام بتنفيذ الاستراتيجيات من خلال تحديد المهام والمسؤوليات وتوفير الموارد اللازمة وتعزيز المرونة المؤسسية في الأداء لمواجهة التغيرات المفاجئة.

تجارب من مدربين معتمدين: تأثير الكوتشينغ في الأداء التنظيمي

قدَّم كثير من المدربين خدمات للأفراد والمؤسسات حسَّنَت الأداء التنظيمي وعززت الإنتاجية، مثل "توني روبينز" المدرب المشهور عالمياً، فمثلاً، يقول "كونور ماكجريجور"، البطل عالمي في المقاتلة، أنَّ "توني" هو الأفضل.

كما عبَّر "ماكجريجور" أنَّه سعيد بالتجربة مع مدرب الحياة "توني"، ويقول "مارك بينيوف"، المؤسس والرئيس التنفيذي في شركة Salesforce في مجال الحوسبة السحابية، بأنَّ "توني" هو أحد المفاتيح الأساسية لريادة الشركة ونموها ووصولها إلى شركة تبلغ قيمتها أكثر من 6 مليارات دولار.

نجد أيضاً "ماريا مينونوس"، الممثلة ومقدمة برامج تلفزيونية، تعبِّر عن شعورها بالسعادة والتحفيز والقوة بفضل "توني"، إلى جانب "سيرينا ويليامز" لاعبة التنس المحترفة التي تؤكد بأنَّ "توني روبينز" ساعدها على اكتشاف نفسها ووضع معايير جديدة لها مما رفع مستواها المهني والشخصي إلى مستوى متطور.

بينت عدد من الدراسات دور الكوتشينغ في تعزيز الأداء التنظيمي، مثل دراسة أجرتها إحدى شركات فورتشن 500، والتي بينت أنَّ 77% من العملاء لديهم ارتفاع في الإنتاجية والاندماج والجودة في الأداء، وأثبتت دراسة للاتحاد الدولي للكوتشينغ ICF أنَّ 70% من العملاء شهدوا تحسناً في الأداء، و80% شهدوا زيادة عالية في الثقة بالنفس، و99% من الشركات والأفراد راضون عن التجربة.

أهمية المرونة في مواجهة التحديات المؤسسية

تحسن المرونة الأداء التنظيمي وتحقق النجاح المستدام، فلا تخلو حياة المؤسسات والموظفين من الصعوبات المفاجئة والتغيرات. وبوجود المرونة الكافية يمكن التعامل معها بفعالية عالية بدلاً من مقاومتها، ويمكن مواجهة التحديات بثقة عالية وقوة واستغلال جيد للفرص الجديدة والهامة.

كما أنَّ المرونة تساعد الموظفين والمؤسسات على التعافي من الإخفاقات والفشل وعدَّها دروس تساعد على المضي قدماً وتشجع على تجربة أفكار جديدة وحلول مبتكرة؛ لذلك يعزز الكوتشينغ من خلال مساعدة الموظفين على اكتشاف أنفسهم لتحديد المعتقدات والقيم التي تحكم سلوكهم واستبدال السلبي منها بالأفكار الإيجابية ليتكيف وليُقدم على الأفكار الجديدة، بالإضافة إلى تطوير مهارات حل المشكلات، والتواصل الفعال، وإدارة الصراعات والخلافات والضغوطات، ومهارة اتخاذ القرارات الصائبة.

قياس أثر برنامج التطوير في الأداء المؤسسي

يقيس الكوتشينغ المهني أثر برامج تطوير الأداء التنظيمي للتحقق من قدرة البرامج على تحسين الأداء المؤسسي، ومن معايير قياس الأداء ما يأتي:

• قياس عدد الأهداف التي حُقِّقت ومدى التقدم الذي أُحرِز في الأهداف التي يُسعى لتحقيقها ووضع نسب مئوية تعبِّر عن التقدم.
• مؤشرات الأداء الرئيسة KPIs والتي تحدد أهدافاً واضحة وقابلة للقياس وتوفر معلومات دقيقة لتحسين اتخاذ القرارات المناسبة ولنجاح التخطيط الاستراتيجي المؤسسي، ومنها مؤشرات مالية تقيس الإيرادات، مثلاً ومؤشرات تشغيلية تقيس الإنتاجية والجودة ووقت الإنتاج، ومؤشرات العملاء التي تقيس رضاهم وولائهم، ومؤشرات التسويق التي تقيس فعالية حملات التسويق، مثل عدد مرات زيارة الموقع، ومؤشرات الموارد البشرية التي تقيس أداء الموظفين، مثل معدل دورانهم؛ لذلك، تعد KPIs أداة حيوية لتحقيق نجاح المؤسسات؛ لأنَّها تتبع حالتها باستمرار.
• حساب العائد على الاستثمار من خلال مقارنة تكاليف الإنتاج الرئيسة مع الفوائد المالية التي حُقِّقت.
• قياس التطور في المهارات الفردية والجماعية من خلال تقييمات واختبارات ومقارنة السلوك وتسجيل الملاحظات.

الابتكار بوصفه محرِّكاً رئيساً لتحسين الأداء المؤسسي

يخلق الكوتشينغ بيئة عملية محفزة على الابتكار والتجريب من خلال خلق شعور الأمان لدى الموظفين ليعبِّروا عن أفكارهم ووجهات نظرهم بحرية، وكذلك بتطوير ثقافة التعاون ضمن فريق العمل، وتطوير مهارات الابتكار، مثل التفكير النقدي، ودعم تنفيذ الأفكار المبتكرة بتقديم الموارد اللازمة والتوجيه؛ لأنَّ الابتكار هو ما يدفع المؤسسات للنجاح والتميز، ويطور الخدمات والمنتجات، ويكسبها ميزة تنافسية في السوق، ويجذب المواهب المبدعة للعمل فيها، مما يحسن الأداء التنظيمي ويحقق لها النمو المستدام.

حيث تُعرَف شركة آبل مثلاً بابتكاراتها في مجال التكنولوجيا، فغيرت طريقة تفاعل العالم معها، وكذلك جوجل التي طوَّرت محرك البحث وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتغير بذلك طريقة إيصال المعلومات، كما قدَّمت أمازون طرائق تسوق مريحة ومبتكرة من خلال الإنترنت، بالتالي فالابتكار هو وسيلة الشركات للتطور ومفتاح نجاحها.

في الختام

يعد الكوتشينغ المهني أداة فعالة لتحسين الأداء التنظيمي؛ لذلك بيَّنَّا أهم استراتيجيات الكوتشينغ المؤسسي في تعزيز ثقافة العمل الجماعي والتخطيط الاستراتيجي وتعزيز المرونة والابتكار في بيئة العمل؛ لأنَّه يضمن نجاح وتميز المؤسسات؛ لذلك خُضْ هذه التجربة، فقد أكَّد الاتحاد الدولي للكوتشينغ أنَّ معظم العملاء راضون تماماً عن التجربة.

المصادر

• Empowering Well-being: The Transformative Role of Coaching in Enhancing the Employee Experience
• دور الكوتشينغ القيادي في تحسين الأداء الوظيفي
• How Workplace Coaching Can Boost Organizational Performance
• Benefits of Coaching
• دور الكوتشينغ في تحسين أداء الموظفين وتحقيق النجاح التنظيمي
• الكوتشينغ وتدريب الفرق نصائح لتطوير مجموعات عمل مترابطة
• Extraordinary lives answer to a higher calling