مهارات الكوتشينغ
يؤدي الكوتشينغ دوراً هاماً في حياة القادة والموظفين والشركات ككل، ببساطة؛ الكوتشينغ هو عملية تهدف إلى تحسين الأداء وتركز في الوقت الحاضر بدلاً من التركيز في الماضي البعيد أو المستقبل، وسنتحدث في هذا المقال عن مهارات الكوتشينغ، فتابعوا معنا.
ما هي المهارات الأساسية التي يحتاج إليها الكوتش الجيد؟
سواء كنتَ كوتشاً محترفاً أم قائداً أم مديراً تستخدم أسلوب كوتشينغ لمساعدة أعضاء فريقك على التطور، أم كنت تستخدم مهاراتك في الكوتشينغ في بيئة أقل رسميةً، يوجد عدد من المهارات الأساسية التي ستساعدك على أن تصبح كوتشاً جيداً.
أهم صفة لأي كوتش هي أنَّه يتعيَّن عليه مساعدة الأشخاص الذين يقدِّم لهم الكوتشينغ على التعلُّم؛ إذ لا يرى الكوتش الجيد نفسه كخبير قادر على حل جميع المشكلات ولديه جميع الحلول؛ بل يرى نفسه داعماً لعملية التعلُّم.
الكوتشينغ الداخلي والخارجي:
يوجد نوعان أساسيان من علاقة الكوتشينغ وهما؛ العلاقة الأولى هي مع كوتش خارجي؛ والذي لا يُعَدُّ جزءاً من هيكل المنظمة أو الإدارة التنفيذية بأي شكل من الأشكال، والعلاقة الثانية علاقة كوتشينغ داخلية؛ إذ يعمل المدير أو القائد ككوتش لفريقه، ويتطلب النوعان طرائق مختلفة للعمل ككوتش، على الرغم من أنَّهما يشتركان في بعض الأمور وهي:
- علاقة الكوتشينغ الخارجية: لا يمتلك الكوتش خبرةً في مجال العمل، وليست لديه مصلحة شخصية في نتيجة أي قرار، ولكنَّه مسؤول عن رضى الشخص الذي يُقدَّم له الكوتشينغ بنتيجة الكوتشينغ، وليست لدى الكوتش الخارجي أفكار مسبقة حول الشخص الذي يقدم له الكوتشينغ، وربما لا يعرف كيف يتصرف هذا الشخص في سياق العمل، وليست لديه فكرة عن جودة أداء عمله.
- العلاقة الداخلية: لدى الكوتش مصلحة شخصية قوية في جودة اتِّخاذ القرار، ومعرفة كبيرة في مجال العمل والأشخاص الذين يقدم لهم الكوتشينغ كونه كان مديراً لهم لبعض الوقت، ومن ثم لديه بعض الأفكار المسبقة عن النتائج المحتملة للكوتشينغ؛ والتي قد لا تكون إيجابية بالضرورة.
يجب على الكوتش الداخلي العمل على العديد من القضايا التي لا يواجهها الكوتش الخارجي وهي:
- وضع أيَّة أفكار مسبقة عن الشخص ومدى فاعليته جانباً: حاول التركيز في عملية الكوتشينغ وما تتعلمه عن الفرد خلال العملية.
- وضع خبرتك في مجال العمل جانباً: ساعِد الفرد على ابتكار حلوله الخاصة، وإحدى الطرائق الجيدة لفعل ذلك هي الامتناع عن التعليق، وطرح أسئلة مفتوحة فقط.
- عدم تقديم الحلول: وبدلاً من ذلك يجب إتاحة الوقت للشخص الذي يتلقى الكوتشينغ لاستكشاف المشكلة بطريقته الخاصة، ومرة أخرى؛ يُعَدُّ الاستمرار في طرح الأسئلة حول طبيعة المشكلة أو مناقشة حلول محتملة لها طريقةً جيدةً للقيام بذلك.
- إدراك الافتراضات الموضوعة سواء عن الشخص أم العملية أم الموضوع.
الهدف والمعنى:
إنَّ أحد مجالات التواصل الرئيسة بصورة خاصة ولا سيما بالنسبة إلى الكوتشينغ هي الطريقة التي تقول بها شيئاً ما، وغالباً ما يُحدَّد هذا بحسب طريقة الاستجابة، ومع ذلك فإنَّ المعنى أو القصد من كلماتك هام أيضاً.
ضع في حسبانك بعض الأمثلة:
ما يقال |
ما هو مقصود |
لا مانع فيما إذا غادرتُ مبكراً، أليس كذلك؟ |
سأغادر مبكراً حتى لو كان لا يناسبك. |
هل تمانع إذا غادرت في وقت مبكر قليلاً؟ |
أود حقاً المغادرة باكراً، ولكنَّني لن أفعل ذلك إذا كان ذلك غير مناسب. |
هل أقود؟ |
أودُّ القيادة. |
هل تريد القيادة أم يجب عليَّ أن أفعل ذلك؟ |
أنا مستعد تماماً لتلقي أي اقتراح بشأن من سيقود. |
هلاَّ قدت السيارة؟ |
لا أريد القيادة حقاً. |
إنَّه ليس فقط المعنى الذي تقصده؛ وإنَّما أيضاً ما يسمعه شخص ما على أنَّه المعنى المقصود؛ على سبيل المثال إذا قلتَ: "أرغب في المغادرة باكراً اليوم، هل هذا الأمر مناسب لك؟" فقد تكون قلقاً حقاً من أنَّ ذلك قد لا يكون مناسباً لزميلك.
ومع ذلك قد يسمع زميلك: "سأغادر سواء كان هذا الأمر مناسباً لك أم لا، ويجب عليك البقاء هنا حتى وقت متأخر إذا لزمَ الأمر"؛ لذلك قد يكون من الأفضل أن تقول: "أود حقاً المغادرة باكراً اليوم، ولكنَّني لن أفعل ذلك إذا كنتَ بحاجة إلى المغادرة أيضاً. إذا كنتَ لا تمانع ذهابي باكراً، سأرد لك الجميل في يوم آخر، ويمكنك حينها المغادرة باكراً".
لماذا هذا الاختلاف هام في الكوتشينغ؟
أساس الكوتشينغ هو علاقة داعمة ومتساهلة؛ إذ لا يأمر الكوتش متلقي الكوتشينغ أبداً، ولكنَّه يسعى إلى الحصول على إذن لتقديم اقتراحات وطرح الأسئلة واحترام الشخص الذي يقدم له الكوتشينغ.
يوجد فارق كبير بين قول:
"لقد اكتشفت أنَّ جلسة الكوتشينغ غالباً ما تنجح بصورة أفضل إذا كنَّا خارج مكان العمل، فهل توافق على فكرة الذهاب إلى المقهى؟"
وقول: "سنلتقي بعيداً عن موقع العمل؛ لأنَّ ذلك ينجح بصورة أفضل دائماً".
في الجملة الأولى يُمنَح الشخص الذي يتلقى الكوتشينغ خيار الرفض، أمَّا الثانية تقول: "أنا أعرف ما هو الأفضل؛ لذلك فقط افعل ما أقوله لك"؛ إذ لا تُظهِر الاحترام لرأي الشخص الذي يتلقى الكوتشينغ ومن غير المرجَّح أن يؤدي ذلك إلى علاقة كوتشينغ مثمرة.
صفات ومهارات الكوتشينغ الرئيسة الأخرى:
يميل الكوتشز المتميزون إلى امتلاك عدد من المهارات والصفات الأساسية.
- يتمتع الكوتشز عموماً بذكاء عاطفي عالي، فهُم جيدون في فهم الناس والتواصل معهم والاهتمام بهم، ويجب أن تكون لدى الكوتش رغبة حقيقية في مساعدة الآخرين على النمو حتى يكون كوتشاً متميزاً.
- يجب أن يكون الكوتشز قادرين على إظهار التعاطف ويكونوا جيدين في بناء العلاقات؛ بما في ذلك تعزيز اللحمة والتآلف.
- يتمتع الكوتشز الجيدون أيضاً بمهارات تواصل قوية.
- الكوتشز جيدون في جمع المعلومات ثم توضيحها للشخص الذي يتلقى الكوتشينغ؛ إذ يمتلكون مهارات إصغاء قوية؛ بما في ذلك الإصغاء الفعَّال.
- لا يقترح الكوتشز الحلول مباشرةً؛ وإنَّما يتأكدون من أنَّهم قد فهموا المشكلة تماماً من خلال التفكير والتوضيح.
- عادةً ما يستغرق الكوتشز وقتاً لتطوير مهارات طرح أسئلة قوية؛ إذ لا يجب أن يقدم الكوتشز الآراء؛ وإنَّما يجب عليهم طرح الأسئلة فقط لتوجيه الشخص الذي يتلقى الكوتشينغ لحل المشكلة، وهذا الأمر مشابه لدور المستشار.
- يعطي الكوتشز والقادة الذين يقدمون الكوتشينغ مساحةً ووقتاً للأشخاص لتجربة الأمور؛ إذ إنَّهم لا يبالغون في الحماسة أو الغضب من الأخطاء؛ بل يركزون في إصلاح الوضع بهدوء بمشاركة الشخص الذي ارتكب الخطأ؛ إنَّهم ماهرون في تقديم التغذية الراجعة واستخدام اللباقة والدبلوماسية.
- قد يستخدم الكوتشز أيضاً نماذج مختلفة من التعليم والتفكير؛ مثل مؤشر مايرز بريغز للأنماط (Myers-Briggs Type Indicators)، ويكون لديهم تدريب وخبرة في مختلف الأدوات والتقنيات؛ على سبيل المثال الاختبار النفسي أو البرمجة اللغوية العصبية (NLP).
نموذج الكوتشينغ:
هل يجب أن يكون لديك هيكل للكوتشينغ؟ أم يجب أن يقودك ببساطة الشخص الذي يتلقى الكوتشينغ؟
يجد بعض الكوتشز أنَّه من المفيد أن يكون لديهم نموذجاً للكوتشينغ خاص بهم، فقد وجدوا أنَّ هذا الأمر يساعدهم على تنظيم الكوتشينغ المتعلق بالشخص الذي يتلقى الكوتشينغ والتأكُّد من أنَّ الكوتشينغ فعَّال قدر الإمكان لذلك الشخص.
أحد النماذج المفيدة للكوتشينغ هو نموذج المثلث "انظر إلى الرسم البياني":
قبل البدء بأيَّة جلسة كوتشينغ يجب على الكوتش الجيد النظر في كل من الأسئلة الثلاثة حول الطرف الخارجي للمثلث فيما يتعلق بالشخص الذي يتلقى الكوتشينغ وهي:
● مَن هو الشخص الذي تقدم له الكوتشينغ Who؟
ضع في حسبانك أهداف الشخص من الكوتشينغ سواء اليوم أم بصورة عامة، وضع في حسبانك أيضاً حالته المزاجية؛ فمن غير الجيد محاولة الحصول على جلسة كوتشينغ حول موضوع متفق عليه سابقاً إذا كان يشعر بالغضب بشأن أمر آخر حدث معه هذا الصباح؛ بل يجب عليك أن تصمم الجلسة لتناسب الشخص في ذلك اليوم.
● على ماذا تركز في جلسة الكوتشينغ What؟
ماذا ستغطي جلستك؟ لا يمكنك الحديث عن كل شيء في كل جلسة، فما الذي ستفكر فيه اليوم؟ يجب أن يقرر هذا الشخص الذي يتلقى الكوتشينغ، لكن يمكن أيضاً أن يساعد الكوتشز على التفكير فيما يعتقدون أنَّه يجب التركيز فيه. نحن لا نعرف دائماً ما هي الأمور التي لا نعرفها، وفي بعض الأحيان يحتاج التعلُّم إلى بعض التوجيه.
● كيف ستتعامل مع جلسة الكوتشينغ How؟
هذا الأمر هام بصورة خاصة للكوتشز الرياضيين؛ والذين قد يمارسون أنشطة مختلفة للغاية في ظروف مختلفة، ومع ذلك من المستحسن لجميع الكوتشز أن يفكروا في كيفية التعامل مع جلسة الكوتشينغ، وقد ترغب في أن يكمل الشخص الآخر اختباراً نفسياً، أو أن يناقش نتائج اختبار سابق، وربما يخبرك متلقي الكوتشينغ عن مشكلة ما، ويجب عليك التفكير في أفضل الطرائق للتعامل معها.
ويأتي في مركز المثلث السؤال الأهم: لماذا Why؟
بعض الناس يضعون الكوتش في المركز، وبعضهم الآخر يضعون الشخص الذي يتلقى الكوتشينغ، ومع ذلك يبدو أنَّه من الأنسب طرح السؤال "لماذا؟" وذلك لأنَّه يعالج كلا الخيارين الآخرين، وقد يكون السؤال:
لماذا تفعل هذا؟
لماذا تقدم الكوتشينغ لهذا الشخص ولماذا يريد هذا الشخص تلقي الكوتشينغ؟ ما الذي تأمل في تحقيقه نتيجةً لذلك؟
ربما يكون من الأفضل النظر إلى هذا السؤال على الأمد الطويل بدلاً من جلسة الكوتشينغ الخاصة هذه، ومع ذلك يجب عليك أن تضع ذلك في حسبانك عندما تجيب عن الأسئلة الثلاثة الأخرى المتعلقة بالجلسة.
تقييم الكوتشينغ:
كيف يمكنك ككوتش مساعدة الشخص الذي تقدم له الكوتشينغ على تحديد الأمور التي يجب التركيز فيها؟
يشير نموذج الكوتشينغ إلى أنَّه قد يكون من الصعب تحديد الفجوات في معرفتك، وإحدى الطرائق هي استخدام أداة التقييم، وأحد الأمور التي يجدها العديد من الكوتشز مفيدة تعتمد على "عجلة الحياة" الموضحة أدناه:
العناوين الرئيسة لكل قسم من مخطط عجلة الحياة غير ثابتة؛ إذ يجب أن تقرر أنت والشخص الذي تقدم له الكوتشينغ معاً ما الأمور التي يجب التركيز فيها؛ إذ يجب أن تعكس ما يريده هذا الشخص من عملية الكوتشينغ وما هي أهدافه العامة.
على سبيل المثال يمكنك التركيز في ثماني كفاءات هامة بالنسبة إليه في العمل، أو قد يرغب في إدراج "التوازن بين العمل والحياة" و"العلاقات" للتأكُّد من أنَّ العمل ليس هو الجانب الوحيد الذي يُركَّز فيه، وبالنسبة إلى الكوتشز الرياضيين قد توجد مجالات محددة هامة؛ مثل التغذية ووقت التدريب والمهارات والاستراحة.
أنت لا تحتاج إلى استخدام جميع الأقسام، على الرغم من أنَّه من المستحسن عدم استخدام أكثر من ثمانية.
استخدام عجلة تقييم الكوتشينغ:
يجب على متلقي الكوتشينغ دائماً إكمال عجلة التقييم، وإذا كان الكوتش يعرفه جيداً ويعرف موقعه الإداري، فقد يكون من المفيد له أيضاً إكمال العجلة، مع التركيز في متلقي الكوتشينغ.
في البداية حدِّد الشخص المثالي في مجال عملك؛ مَن هو الشخص الذي يطمح متلقي الكوتشينغ إلى أن يكون مثله؟ من الأفضل تحديد شخص حقيقي لهذا الغرض؛ وذلك لأنَّه يجعل الإجابات أكثر صدقاً وواقعيةً.
بعد ذلك سجِّل علامات الشخص المثالي لكل قسم من الأقسام على مقياس من 10، وكُن صريحاً، فمن غير المرجَّح أن يساعدك تسجيل علامة 10 لكل شيء على الأمد الطويل؛ لذلك فكِّر فيما هو هام حقاً وما سبب أهميته.
انتقل إلى كل قسم من العجلة وسجِّل لمتلقي الكوتشينغ علامة من أصل 10.
في النهاية قارِن نتائج الكوتش ومتلقي الكوتشينغ لكل قسم مع نتائج الشخص المثالي؛ إذ ستحدد هذه النتائج مجالات المناقشة والعمل المحتمل؛ على سبيل المثال قد تظهر نقاط لم تكُن واضحة في وعي متلقي الكوتشينغ سواء كانت إيجابية أم سلبية، ويجب أن تكشف النتائج أيضاً عن الجوانب التي يجب تحسينها من خلال عملية الكوتشينغ؛ وذلك عندما تكون علامة الشخص المثالي 8 أو 9، وعلامة متلقي الكوتشينغ 2 أو 3.
يتطلب الكوتشينغ والمنتورينغ بعض المهارات المحددة للغاية؛ والتي تركز بصورة خاصة في تيسير وتمكين الآخرين وبناء علاقات جيدة.
ملاحظة تحذيرية:
عندما يحقق متلقي الكوتشينغ النجاح، يشعر الكوتش والقادة الذين يقدمون الكوتشينغ بالسعادة، ويبدو هذا الأمر واضحاً لكن من الناحية العملية - وخاصةً إذا كنتَ قائداً ولستَ كوتشاً خارجياً - فقد تشعر بقليل من الشك؛ كأن تقول: "ربما يكون متلقي الكوتشينغ أفضل مني حقاً''.
تذكَّر أنَّ القائد العظيم يستخدم مهارات فريقه لتحقيق التوازن بين مهاراته، ويمكن أن يُكوِّن القائد الجيد الذي يقدم الكوتشينغ فريقاً ماهراً للغاية، وهذا دليل على قوته، وفي نهاية المطاف يجب أن يكون الفريق أعظم من مجموع أفراده.
في الختام:
إذا كنتَ تميل إلى التقليل من قيمة شخص ما لأنَّك تعتقد أنَّه قد يصل إلى مستوى من الخبرة يتجاوز مستوى خبرتك، فتذكَّر القول المأثور: "يجب أن تكون دائماً لطيفاً مع الأشخاص الذين تقابلهم في طريقك إلى القمة؛ وذلك لأنَّك قد تقابلهم مرة أخرى في حال فشلت وتراجعت إلى الوراء.
دعنا نساعدك
دعنا نساعدك
حقق أهدافك واحصل على الدعم الذي تحتاجه، تواصل معنا وابدا رحلة التغيير التي تريدها.
تواصل معنا الآن
آخر المدونات
اشترك في نشرتنا الإخبارية
اكتب بريدك الالكتروني واضغط على زر اشتراك
اشترك الآن واحصل على آخر المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت قد مضى.