ما هو الكوتشينغ؟ وبماذا يختلف عن المنتورينغ والتعليم والاستشارة؟

blog-details

الكوتشينغ

الكوتشينغ ببساطة هو عملية تهدف إلى تحسين الأداء وتركز في الوقت الحاضر بدلاً من التركيز في الماضي البعيد أو المستقبل.

في حين أنَّه يوجد العديد من نماذج الكوتشينغ المختلفة، فإنَّنا لا نَعُدُّ الكوتش شخصاً خبيراً؛ بل هو مُيسِّر لعملية التعلُّم، كما يوجد فارق كبير بين تعليم شخص ما ومساعدته على التعلُّم؛ ففي الكوتشينغ يساعد الكوتش بصورة أساسية الفرد على تحسين أدائه؛ أي بمعنى آخر يساعده على التعلُّم، ويعتقد الكوتشز الجيدون أنَّ الفرد لديه دائماً حلول لمشكلاته الخاصة، ولكنَّه يدرك أنَّه قد يحتاج إلى مساعدة للعثور عليها.

"يؤدي الكوتشينغ إلى استكشاف قدرات الشخص لتعزيز أدائه، كما يساعده على التعلُّم وحده دون معلِّم". المؤلف جون وايتمور (John Whitmore)

اللعبة الداخلية:

لن تكتمل أيَّة مناقشة حول الكوتشينغ دون ذكر المؤلف تيموثي غالوي (Timothy Gallwey) ورؤيته لما يسميه "اللعبة الداخلية".

أحدث كتاب غالوي "اللعبة الداخلية للتنس" (The Inner Game of Tennis) ثورةً فكريةً في الكوتشينغ، وقد أشار إلى أنَّ أكبر معوقات النجاح وتحقيق الإمكانات سببها داخلي وليس خارجياً، ولقد كانت رؤيته هي أنَّ الكوتشز يمكن أن يساعدوا الأفراد على تحسين حالتهم النفسية عن طريق تشتيت انتباههم بعيداً عن الحوارات الداخلية التي يجرونها مع أنفسهم، وتحديداً الصوت النقدي الذي يقول لهم: "لا تلعب هكذا، أو ركِز في يديك، أو اجعل زاوية توجيه الكرة مختلفة".

من خلال تشتيت الانتباه بعيداً عن هذا الصوت الداخلي؛ يمكن أن يتولى الجسم زمام الأمور، واتَّضح أنَّه غالباً ما تكون لدى الجسم فكرة واضحة جداً عمَّا يجب فعله عند كبت الحوارات الداخلية.

استخدم غالوي المثال الذي يطلب من الناس التركيز في الارتفاع الذي يضربون فيه كرة المضرب، وهذا النشاط بذاته ليس له أي معنى، ولكنَّ الفعل البسيط المتمثل في التركيز فيه يشتت انتباه الصوت الداخلي ويمكِّن الجسم من تولِّي زمام الأمور؛ إذ يجب أن يسترخي الشخص وسيتحسَّن لعبه على الفور.

لقد كانت رؤية غالوي الحقيقية هي أنَّ هذا الأمر لا ينطبق فقط على كرة المضرب؛ وإنَّما الأفراد عموماً توجد لديهم حلول لمشكلاتهم الخاصة داخل أنفسهم.

إذاً الجزء الأساسي من الكوتشينغ هو مساعدة الناس على تعلُّم كبت هذا الصوت الداخلي والسماح لحدسهم بالسيطرة، ويعني ذلك أحياناً تشتيت الانتباه وأحياناً أخرى يتعلق الأمر باستكشاف "أسوأ سيناريو" والتخلُّص من الخوف.

نموذج دورة الكفاءة للتعلُّم:

من النماذج المفيدة للتعلُّم نموذج دورة الكفاءة؛ وهو عبارة عن نموذج مكوَّن من 4 مراحل يمكن أن يساعدك على تحديد كفاءاتك، وهذه المراحل هي:

  1. غياب الوعي بانعدام الكفاءة: في هذه المرحلة أنت لا تعرف أنَّك لا تعرف شيئاً، ومن الأمثلة الجيدة الطفل الذي لم يرَ دراجة من قبل، أو ليست لديه فكرة عن وجود أيَّة لغة أخرى غير لغته الأم.
  2. الوعي بانعدام الكفاءة: في هذه المرحلة أنت تدرك أنَّك تفتقر إلى مهارة معيَّنة، من الأمثلة عن ذلك الطفل الذي رأى أطفالاً آخرين يقودون الدراجات، أو سمع شخصاً يتحدث لغةً أخرى، ومن ثم رغب في التعلُّم.
  3. الوعي بالكفاءة: لقد تعلمت طريقة القيام بأمر ما، ولكنَّك ما زلت بحاجة إلى التفكير فيه من أجل القيام به؛ على سبيل المثال الطفل الذي يستطيع ركوب الدراجة ولكنَّه يسقط إذا توقَّف عن مراقبة المكان الذي يتجه إليه.
  4. انعدام الوعي بالكفاءة: لقد أتقنتَ تعلُّم كفاءة ما لدرجة أنَّها أصبحت راسخة في عقلك، ولم يَعُد يتعيَّن عليك التفكير في طريقة القيام بها، وفي الواقع إذا فكرت في الأمر أكثر من اللازم، فلن تتمكن من القيام بها، ويحتاج الكوتشز إلى تحديد المرحلة التي بلغها الفرد؛ وذلك لاستخدام اللغة المناسبة لمساعدته على الانتقال إلى المرحلة التالية، ومع ذلك من الصعب محاولة تحسين مهارة ما إذا كنت لا تعرف أنَّك تفتقر إليها.

الفارق بين التدريس والكوتشينغ والمنتورينغ والاستشارة:

على الرغم من أنَّ التدريس والكوتشينغ والمنتورينغ والاستشارة جميعها تشترك في بعض الخصائص والمهارات الأساسية، إلَّا أنَّها مع ذلك مختلفة تماماً، ومن الهام أن تكون على علم بالاختلافات.

● التدريس والتدريب:

يشمل التدريس والتدريب وجود معلم خبير ينقل المعرفة إلى طلابه، وعلى الرغم من أنَّ أفضل المعلمين سيستخدمون أساليب تشاركية وتفاعلية مثلما يفعلون في الكوتشينغ، إلَّا أنَّه يوجد بالتأكيد تفاوت في المعرفة، مع وجود معلم خبير يعرف الإجابات الصحيحة.

● الكوتشينغ:

ينطوي الكوتشينغ على الاعتقاد بأنَّ الفرد يعرف حلول مشكلاته.

لا يُعَدُّ الكوتش خبيراً متخصصاً، ولكنَّه يركز في مساعدة الفرد على اكتشاف إمكاناته الخاصة، وينصب التركيز بصورة كبيرة على الفرد وما الذي يفكر فيه. ليس بالضرورة أن يكون الكوتش شخصاً معيناً؛ إذ يمكن لأي شخص اتِّباع نهج الكوتشينغ مع الآخرين سواء كانوا أقراناً أم مرؤوسين أم رؤساء.

يُعَدُّ الكوتشينغ أحد أساليب القيادة الأساسية التي حددها المؤلف دانييل جولمان (Daniel Goleman)، والمهارة الأساسية في الكوتشينغ هي طرح الأسئلة المناسبة لمساعدة الأفراد على حل مشكلاتهم.

● المنتورينغ:

يشبه المنتورينغ الكوتشينغ لكن يوجد اتِّفاق عام على أنَّ المنتور هو المرشد الذي يساعد الشخص على التعلُّم أو التطوُّر بصورة أسرع ممَّا قد يفعله بمفرده.

غالباً ما يُعيَّن المنتورز في مكان العمل رسمياً على هذا النحو باتِّفاق متبادل، ويكون شخصاً من خارج دائرة مديري متلقي المنتورينغ، وعادةً ما يملك المنتور خبرة وتجربة كبيرتين في مجال عمل الفرد.

عادةً ما تركز علاقة المنتورينغ في المستقبل والتطوير الوظيفي وتوسيع آفاق الفرد، على عكس الكوتشينغ الذي يميل إلى التركيز أكثر في الوقت الحاضر وحل المشكلات أو القضايا المستعجلة.

● الاستشارة:

الاستشارة أقرب إلى التدخل العلاجي؛ إذ إنَّها تركز في الماضي ومساعدة الفرد على التغلُّب على العقبات والمشكلات التي واجهته في الماضي والمضي قدماً. هنا قد يكون التركيز إما داخلياً أو خارجياً.

يمكن تلخيص الاختلافات بين طرائق التعلُّم المختلفة هذه على النحو التالي:

طريقة التعلم:

الكوتشينغ

المنتورينغ

الاستشارة

السؤال:

كيف؟

ماذا؟

لماذا؟

التركيز:

الحاضر.

المستقبل.

الماضي.

الهدف:

تحسين المهارات.

التطوير والالتزام بأهداف التعلم.

التغلب على المعوقات النفسية.

الغاية:

زيادة الكفاءة.

توسيع الآفاق.

تعزيز فهم الذات.

 

نطاق الكوتشينغ:

يعرف العديد من الكوتشز مدى التداخل الكبير بين دورهم ودور المعلِّم، وقد يكون هذا صحيحاً بصورة خاصة للكوتشز الرياضيين الذين غالباً ما يتمتعون بمهارات عالية في رياضتهم الخاصة، ويتطلعون إلى صقل أساليب ومهارات الرياضيين؛ لذلك قد يكون من المفيد النظر إلى كل من الكوتشينغ والتدريس على أنَّهما نطاق متدرج.

بقيادة متلقي الكوتشينغ                  نموذج هجين                  بقيادة الكوتش

ككوتش؛ ستمر في أوقات يقودك فيها الشخص الذي يتلقى الكوتشينغ، ومن المحتمل أن يكون ذلك في أغلب الأحيان، ولا سيما عند تقديم الكوتشينغ في العمل.

ومع ذلك قد تمرُّ أيضاً في أوقات تكون فيها الخبير الذي ينقل المعلومات، وقد تشمل الأمثلة معنى الاختبار النفسي أو أفضل الممارسات في مجال معيَّن؛ إذ تكون لديك بعض المعرفة، وبالنسبة إلى الكوتشز الرياضيين قد يشمل ذلك أيضاً اتِّخاذ قرار بشأن متى يكون نشاط معيَّن آمناً ولماذا.

يمكنك تشبيه ذلك إلى حدٍّ ما بالمستويات التسعة للتفويض، ولا يهم أي شخص آخر في الواقع ما هو مستوى تفويض قيادة الكوتش الذي تستخدمه طالما أنَّه يناسبك أنت والشخص الذي يتلقى الكوتشينغ.

في الختام:

يختلف معنى الكوتشينغ باختلاف الأشخاص، ولكنَّه يتعلق عموماً بمساعدة الأفراد على حل مشكلاتهم وتحسين أدائهم.

لا يهم ما إذا كان الكوتشينغ يُستخدَم في الرياضة أو الحياة أو الأعمال؛ إذ يعتقد الكوتش الجيد أنَّ الأفراد دائماً لديهم حلول لمشكلاتهم، وهم فقط بحاجة إلى المساعدة على اكتشافها.

دعنا نساعدك

دعنا نساعدك

حقق أهدافك واحصل على الدعم الذي تحتاجه، تواصل معنا وابدا رحلة التغيير التي تريدها.
تواصل معنا الآن

آخر المدونات

تعزيز القيادة من خلال الكوتشينغ: بناء قادة ملهمين وفرق ناجحة

هل تعلم كيف يمكن للكوتشينغ أن يعزز قدرات القائد ويحفزه على إلهام الآخرين؟ سنكتشف في هذا المقال كيف يمكن ذلك من خلال الكوتشينغ، ولماذا أصبح اقرأ المزيد

الكوتشينغ القيادي: رحلة تطوير القادة وتعظيم نجاح المؤسسات الحديثة

ماذا لو لم يكن مفتاح نجاح المؤسسات الحديثة في الاستراتيجيات المعقَّدة أو التكنولوجيا المتطورة؛ بل في القادة أنفسهم؟ الكوتشينغ القيادي ليس مجرد تدريب أو استشارات اقرأ المزيد

كوتشينغ التربية: تحسين العلاقة مع الأبناء وتحقيق نتائج فعَّالة

تعدُّ التربية تجربة مليئة بالتحديات واللحظات الجميلة في آن واحد، فقد يشعر الآباء والأمهات أحياناً بالضياع أو التردد بشأن الطريقة الأفضل لتربية أطفالهم، خاصة مع اقرأ المزيد

اشترك الآن واحصل على آخر المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت قد مضى.